للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويسبق الموت لحظة يسترجع فيها الإنسان ما قدم وما آخر بينما هو يعاني من سكرات الموت. يسترجع ما جمع من هنا وهناك وما قدمه من أيام عمره ثمناً لما جمع. ثم يحاول أن يؤجل الموت ساعة يصلح فيها ما يمكن إصلاحه ولو كلفته هذه الساعة أن يتنازل عن كل ما جمع.

ساعتها يرفض طلبه.. (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)

أترى أن من اشترى سيارة بألف دينار ثم وقع في ضيق فرغب في بيعها بمائة دينار فقط فلم يجد من يشتريها.. أترى شراءها بألف كان شراء عادلاً؟!!

يبدوا إننا أضعنا كثيراً من ساعات أعمارنا وما جمعناه لا يساوي ما انفقناه من أيام العمر: (وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) .

نحن نلهوا والقدر جاد. نربح الدنيا ونخسر نفوسنا.

يلهينا الأمل فننسى دنو الأجل: (وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) .

نعمر دنيانا ونخرب آخرتنا. لذلك نكره أن ننتقل من العمار إلى الخراب. حتى إذا جاءتنا سكرة الموت بالحق: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) .

وتحدد الطريق المحتوم: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ) وابتعد الجميع مع وقوفهم بجواره (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ) .

وفشلت كل المحاولات في دفع الكرب عنه. ساعتها يحاول لأول مرة أن يصلح ما بينه وبين الله. آه.. لو جئت قبل ذلك بساعة.. لوجدت الله غفوراً رحيماً.

يقابل آثامك بأضعافها مغفرة. ويفرح بك أكثر من فرح العقيم الوالد , والضال الواجد , والظمأن الوارد. يتوب عليك فينسى بدنك والبقاع وينسى حافظيك ما عملته من المعاصى حتى لا يشهد عليك أحدٌ أمامه سبحانه ولكنك جئت في الوقت الذي جاء فيه فرعون بعد أن أضاع دنياه في الظلم: (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)

<<  <   >  >>