للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو تاب الله ساعتها على فرعون لتاب عليك. ولكنك تأخرت كثيراً , تأخرت حتى أصبح عالم الغيب بالنسبة لك عالم شهادة: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)

لقد كان الأجر نظير إيمانك بالغيب: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) .

ولكن تحويل عالم الغيب إلى عالم مشاهدة يبطل الجزاء (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ)

إن الطالب إذا خرج من لجنة الامتحان وتسلم كتبه لا يستطيع أن يصحح أخطاء وقعت منه في ورقة الإجابة، لأن عالم الغيب العلمي قد أصبح عالم شهادة. (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) .

وكل عاص لله جاهل به. (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) .

وكل توبة قبل الغرغرة تعتبر من قريب (فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

لقد جئتَ متأخراً.. لأنك تحاول التوبة وهى العزم على فعل الصالحات.. بعد أن تيقنت من عجزك عن فعل أي خير.

صحيح أنك الآن نادم على ما فعلت ولكن الندم وحده لا يكفى.

فقد ندم قوم صالح بعد أن عقروا الناقة فلم يدفع عنهم هذا الندم العذاب: (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ) .

لقد جئتَ متأخراً.. لأن الملآئكة قد أغلقت عند الحشرجة صحيفة عملك وأعدت بياناً بحالك وتهيأت لتوجيهك لمستقبلك (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)

<<  <   >  >>