وَالْمُخْتَار أَن يرجع فِي ذَلِك إِلَى عرف النَّاس وعادتهم فقد يجزىء فِي بلد مَا أوجبه أَبُو حنيفَة وَفِي بلد مَا أوجبه أَحْمد وَفِي بلد آخر مَا بَين هَذَا وَهَذَا على حسب عَادَته عملا بقوله تَعَالَى {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم}
وَإِذا جمع عشرَة مَسَاكِين وعشاهم خبْزًا أَو أدما من أَوسط مَا يطعم أَهله أَجزَأَهُ ذَلِك عِنْد أَكثر السّلف وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَغَيرهم وَهُوَ أظهر الْقَوْلَيْنِ فِي الدَّلِيل فَإِن الله تَعَالَى أَمر بِالْإِطْعَامِ لم يُوجب التَّمْلِيك وَهَذَا إطْعَام حَقِيقَة وَمن أوجب التَّمْلِيك احْتج بحجتين
إِحْدَاهمَا أَن الطَّعَام الْوَاجِب مُقَدّر بِالشَّرْعِ وَلَا يعلم إِذا أكلُوا أَن كل وَاحِد يَأْكُل قدر حَقه
وَجَوَاب الأولى أَنا لَا نسلم أَنه مُقَدّر بِالشَّرْعِ وَإِن قدر أَنه مُقَدّر بِهِ فَالْكَلَام إِنَّمَا هُوَ إِذا أشْبع كل وَاحِد مِنْهُم غداء وعشاء وَحِينَئِذٍ فَيكون قد أَخذ كل وَاحِد قدر حَقه وَأكْثر وَأما التَّصَرُّف بِمَا شَاءَ فَالله تَعَالَى لم يُوجب ذَلِك إِنَّمَا أوجب الْإِطْعَام وَلَو أَرَادَ ذَلِك لأوجب مَالا