كلهم وَكَذَلِكَ لَو قَالَ لنسائه من أبرأتني مِنْكُن من صَدَاقهَا فَهِيَ طَالِق فأبرأنه كُلهنَّ طلقن كُلهنَّ فَإِن الْمَقْصُود بقوله مِنْكُم بَيَان جنس الْمُعْطِي والمبرىء لَا إِثْبَات هَذَا الحكم لبَعض العبيد والأزواج
فَإِن قيل فَهَذَا كَمَا لَا يمْنَع أَن يكون كل الْمَذْكُور متصفا بِهَذِهِ الصّفة فَلَا يُوجب ذَلِك أَيْضا فَلَيْسَ فِي قَوْله {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات} مَا يَقْتَضِي أَن يَكُونُوا كلهم كَذَلِك
قيل نعم وَنحن لَا ندعي أَن مُجَرّد هَذَا اللَّفْظ دلّ على أَن جَمِيعهم موصوفون بِالْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح وَلَكِن مقصودنا أَن من لَا يُنَافِي شُمُول هَذَا الْوَصْف لَهُم فَلَا يَقُول قَائِل إِن الْخطاب دلّ على أَن الْمَدْح شملهم وعمهم بقوله {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} إِلَى آخر الْكَلَام وَلَا ريب أَن هَذَا مدح لَهُم بِمَا ذكر من الصِّفَات وَهُوَ الشدَّة على الْكفَّار وَالرَّحْمَة بَينهم وَالرُّكُوع وَالسُّجُود يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا والسيما فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود وَأَنَّهُمْ يبتدؤون من ضعف إِلَى كَمَال الْقُوَّة والاعتدال كالزرع والوعد بالمغفرة وَالْأَجْر الْعَظِيم لَيْسَ على مُجَرّد هَذِه الصِّفَات بل على الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح فَذكر مَا بِهِ يسْتَحقُّونَ الْوَعْد وَإِن كَانُوا كلهم بِهَذِهِ الصّفة وَلَوْلَا ذكر ذَلِك لَكَانَ يظنّ أَنهم بِمُجَرَّد مَا ذكر يسْتَحقُّونَ الْمَغْفِرَة وَالْأَجْر الْعَظِيم وَلم يكن فِيهِ بَيَان سَبَب الْجَزَاء بِخِلَاف مَا إِذا ذكر الْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح فَإِن الحكم إِذا علق باسم مُشْتَقّ مُنَاسِب كَانَ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاق سَبَب الحكم
[فصل]
فِي قَول إِبْرَاهِيم
لَا أحب الآفلين
ظن هَؤُلَاءِ أَن قَول إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام {هَذَا رَبِّي} سُورَة الْأَنْعَام ٧٧ أَرَادَ بِهِ هَذَا خَالق السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْقَدِيم الأزلي وَأَنه اسْتدلَّ على حُدُوثه بالحركة
وَهَذَا خطأ من وُجُوه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute