للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توفيته لَيْسَ رقيبا على اتِّبَاعه بل الله هُوَ الرَّقِيب المطلع عَلَيْهِم المحصي أَعْمَالهم الْمجَازِي عَلَيْهَا والمسيح لَيْسَ برقيب فَلَا يطلع على أَعْمَالهم وَلَا يحصيها وَلَا يجازيهم بهَا

فصل فَسَاد قَول النَّصَارَى فِي أَن الْمَسِيح خَالق

قَالُوا وَقد سَمَّاهُ الله أَيْضا فِي هَذَا الْكتاب خَالِقًا حَيْثُ قَالَ {وَإِذ تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير بإذني فتنفخ فِيهَا فَتكون طيرا بإذني} سُورَة الْمَائِدَة ١١٠

فَأَشَارَ بالخالق إِلَى كلمة الله المتحدة فِي الناسوت الْمَأْخُوذَة من مَرْيَم أَنه كَذَا قَالَ على لِسَان دَاوُد النَّبِي

بِكَلِمَة الله خلقت السَّمَاوَات وَالْأَرْض لَيْسَ خَالق إِلَّا الله وكلمته وروحه

وَهَذَا مِمَّا يُوَافق رَأينَا واعتقادنا فِي السَّيِّد الْمَسِيح لذكره لِأَنَّهُ حَيْثُ قَالَ وتخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير فتنفخ فِيهِ فَيكون طيرا بِإِذن الله أَي بِإِذن اللاهوت الْكَلِمَة المتحدة فِي الناسوت

وَالْجَوَاب إِن جَمِيع مَا يحتجون بِهِ من هَذِه الْآيَات وَغَيرهَا فَهُوَ حجَّة عَلَيْهِم لَا لَهُم وَهَكَذَا شَأْن جَمِيع أهل الضلال إِذا احْتَجُّوا بِشَيْء من كتب الله وَكَلَام أنبيائه كَانَ فِي نفس مَا احْتَجُّوا بِهِ مَا يدل على فَسَاد قَوْلهم وَذَلِكَ لِعَظَمَة كتب الله الْمنزلَة وَمَا نطق بِهِ أنبياؤه فَإِنَّهُ جعل ذَلِك هدى وبيانا لِلْخلقِ وشفاء لما فِي الصُّدُور فَلَا بُد أَن يكون فِي كَلَام الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم وَسَلَامه أَجْمَعِينَ من الْهدى وَالْبَيَان مَا يفرق الله بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل والصدق وَالْكذب لَكِن النَّاس يُؤْتونَ من قبل أنفسهم لَا من قبل أَنْبيَاء الله تَعَالَى

إِمَّا من كَونهم لم يتدبروا القَوْل الَّذِي قالته الْأَنْبِيَاء حق التدبر حَتَّى يفقهوه ويفهموه

وَإِمَّا من جِهَة أَخذهم بِبَعْض الْحق دون بعض مثل أَن يُؤمنُوا بِبَعْض مَا أنزل الله دون بعض فيضلون من جِهَة مَا لم يُؤمنُوا بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَن النَّصَارَى {وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخذنَا ميثاقهم فنسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة}

وَإِمَّا من جِهَة نسبتهم إِلَى الْأَنْبِيَاء مَا لم يقولوه من أَقْوَال كذبت عَلَيْهِم وَمن جِهَة تَرْجَمَة

<<  <  ج: ص:  >  >>