وَاجِبا من أعظم الْوَاجِبَات فَلَمَّا فتحت مَكَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَكَانَ من اتى من اهل مَكَّة وَغَيرهم ليهاجر ويسكن الْمَدِينَة يَأْمُرهُ أَن يرجع إِلَى مدينته وَلَا يَأْمُرهُ بسكناها كَمَا كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَأْمر النَّاس عقب الْحَج أَن يذهبوا إِلَى بِلَادهمْ لِئَلَّا يضيقوا على أهل مَكَّة وَكَانَ يَأْمر كثيرا من أَصْحَابه وَقت الْهِجْرَة أَن يخرجُوا إِلَى أَمَاكِن أُخْرَى لولاية مَكَان وَغَيره وَكَانَت طَاعَة الرَّسُول بِالسَّفرِ إِلَى غير الْمَدِينَة يخرجُوا إِلَى أَمَاكِن أُخْرَى لولاية مَكَان وَغَيره وَكَانَت طَاعَة الرَّسُول بِالسَّفرِ إِلَى غير الْمَدِينَة أفضل من الْمقَام عِنْده بِالْمَدِينَةِ حِين كَانَت دَار الْهِجْرَة فَكيف بهَا بعد ذَلِك إِذْ كَانَ الَّذِي ينفع النَّاس طَاعَة الله وَرَسُوله وَأما مَا سوى ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعهُمْ لَا قرَابَة وَلَا مجاورة وَلَا غير ذَلِك كَمَا ثَبت عَنهُ فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَنه قَالَ
يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا يَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا يَا عَبَّاس عَم رَسُول الله لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن
آل أبي فلَان لَيْسُوا لي بأولياء إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ وَقَالَ
إِن أوليائي المتقون حَيْثُ كَانُوا وَمن كَانُوا
قَالَ الشَّيْخ الْإِسْلَام رَحمَه الله
فصل
قَوْله {سماعون للكذب سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك}
قيل اللَّام لَام كي أَي يسمعُونَ ليكذبوا ويمسعون لينقلوا إِلَى قوم آخَرين لم يأتوك فيكونون كَذَّابين ونمامين جواسيس وَالصَّوَاب أَنَّهَا لَام التَّعْدِيَة مثل قَوْله سمع الله لمن حَمده فالسماع مُتَضَمّن معنى القَوْل أَي قَائِلُونَ للكذب ويسمعون من قوم آخَرين لم يأتوك ويطيعونهم فَيكون ذما لَهُم على قبُول الْخَبَر الْكَاذِب وعَلى طَاعَة غَيره من الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ مثل قَوْله {ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الْفِتْنَة وَفِيكُمْ سماعون لَهُم} أَي هم يطْلبُونَ أَن يفتنوكم وَفِيكُمْ من يسمع مِنْهُم فَيكون قد ذمهم على اتِّبَاع الْبَاطِل فِي نَوْعي الْكَلَام خَبره وإنشائه فَإِن بَاطِل الْخَبَر الْكَذِب وباطل الْإِنْشَاء طَاعَة غير الرُّسُل وَهَذَا بعيد