وطبيعة ناسوتية الَّتِي أَخذهَا من مَرْيَم الْعَذْرَاء واتحدت بِهِ فَيُقَال لَهُم كَلَام النَّصَارَى فِي هَذَا الْبَاب مُضْطَرب مُخْتَلف مُنَاقض وَلَيْسَ لَهُم فِي ذَلِك قَول اتَّفقُوا عَلَيْهِ وَلَا قَول مَعْقُول وَلَا قَول دلّ عَلَيْهِ كتاب بل هم فِيهِ فرق وَطَوَائِف كل فرقة تكفر الْأُخْرَى كاليعقوبية والملكانية والنسطورية وَنقل الْأَقْوَال عَنْهُم فِي ذَلِك مضطربة كَثِيرَة الِاخْتِلَاف
وَلِهَذَا يُقَال لَو اجْتمع عشرَة نَصَارَى لتفرقوا على أحد عشر قولا وَذَلِكَ أَن مَا هم عَلَيْهِ من اعْتِقَادهم من التَّثْلِيث والاتحاد كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي أمانتهم لم ينْطق بِهِ شَيْء من كتب الْأَنْبِيَاء وَلَا يُوجد لَا فِي كَلَام الْمَسِيح وَلَا الحواريين وَلَا أحد من الْأَنْبِيَاء وَلَكِن عِنْدهم فِي الْكتب أَلْفَاظ متشابهة وألفاظ محكمَة يتنازعون فِي فهمها ثمَّ الْقَائِلُونَ مِنْهُم بالأمانة وهم عَامَّة النَّصَارَى الْيَوْم من الملكانية والنسطورية واليعقوبية مُخْتَلفُونَ فِي تَفْسِيرهَا وَنَفس قَوْلهم متناقض يمْتَنع تصَوره على الْوَجْه الصَّحِيح
فَلهَذَا صَار كل مِنْهُم يَقُول مَا يظنّ أَنه أقرب من غَيره فَمنهمْ من يُرَاعِي لفظ أمانتهم وَإِن صرح بالْكفْر الَّذِي يظْهر فَسَاده لكل أحد كاليعقوبية وَمِنْهُم من يستر بعض ذَلِك كالنسطورية وَكثير مِنْهُم وهم الملكانية بَين هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَلما ابتدعوا مَا ابتدعوه من التَّثْلِيث والحلول كَانَ فيهم من يخالفهم فِي ذَلِك