للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَاخْتلف الْفُقَهَاء أَيْضا فِيمَن يقتل السُّلْطَان كقتلة عُثْمَان وَقَاتل عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا هَل هم كالمحاربين فيقتلون حدا أَو يكون أَمرهم إِلَى أَوْلِيَاء الدَّم على قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره لِأَن فِي قَتله فَسَادًا

[فصل]

وَهَذَا كُله إِذا قدر عَلَيْهِ فَأَما إِذا طَلَبهمْ السُّلْطَان أَو نوابه لإِقَامَة الْحَد بِلَا عدوان فامتنعوا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يجب على الْمُسلمين قِتَالهمْ بِاتِّفَاق الْعلمَاء حَتَّى يقدر عَلَيْهِم كلهم وَمَتى لم ينقادوا إِلَّا بِقِتَال يُفْضِي إِلَى قَتلهمْ كلهم قوتلوا وَإِن أفْضى إِلَى ذَلِك سَوَاء كَانُوا قد قتلوا أَو لم يقتلُوا وَيقْتلُونَ فِي الْقِتَال كَيْفَمَا أمكن فِي الْعُنُق وَغَيره وَيُقَاتل من قَاتل مَعَهم مِمَّن يحميهم ويعينهم فَهَذَا قتال وَذَاكَ إِقَامَة حد وقتال هَؤُلَاءِ أوكد من قتال الطوائف الممتنعة عَن شرائع الْإِسْلَام فَإِن هَؤُلَاءِ قد تحزبوا لفساد النُّفُوس وَالْأَمْوَال وهلاك الْحَرْث والنسل لَيْسَ مقصودهم إِقَامَة دين وَلَا ملك وَهَؤُلَاء كالمحاربين الَّذين يأوون إِلَى حصن أَو مغارة أَو رَأس جبل أَو بطن وَاد وَنَحْو ذَلِك يقطعون الطَّرِيق على من مر بهم وَإِذا جَاءَهُم جند ولي الْأَمر يطلبهم للدخول فِي طَاعَة الْمُسلمين وَالْجَمَاعَة لإِقَامَة الْحُدُود قاتلوهم ودفعوهم مثل الْأَعْرَاب الَّذين يقطعون الطَّرِيق على الْحَاج أَو غَيره من الطرقات أَو الجبلية الَّذين يعتصمون برؤوس الْجبَال أَو المغارات لقطع الطَّرِيق وكالأحلاف الَّذين تحالفوا لقطع الطَّرِيق بَين الشَّام وَالْعراق ويسمون ذَلِك النهيضة فَإِنَّهُم يُقَاتلُون كَمَا ذَكرْنَاهُ وَلَكِن قِتَالهمْ لَيْسَ بِمَنْزِلَة قتال الْكفَّار إِذا لم يَكُونُوا كفَّارًا وَلَا تُؤْخَذ أَمْوَالهم إِلَّا أَن يَكُونُوا أخذُوا أَمْوَال النَّاس بِغَيْر حق فَإِن عَلَيْهِم ضَمَانهَا فَيُؤْخَذ مِنْهُم بِقدر مَا أخذُوا وَإِن لم نعلم عين الْآخِذ وَكَذَلِكَ لَو علم عينه فَإِن الردء والمباشر سَوَاء كَمَا قُلْنَاهُ لَكِن إِذا عرف عينه كَانَ قَرَار الضَّمَان عَلَيْهِ وَيرد مَا يُؤْخَذ مِنْهُ على أَرْبَاب الْأَمْوَال فَإِن تعذر الرَّد عَلَيْهِم كَانَ لمصَالح الْمُسلمين من رزق الطَّائِفَة الْمُقَاتلَة لَهُم وَغير ذَلِك بل الْمَقْصُود من قِتَالهمْ التَّمَكُّن مِنْهُم لإِقَامَة الْحُدُود ومنعهم من الْفساد فَإِذا جرح الرجل مِنْهُم جرحا مثخنا لم يُجهز عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوت إِلَّا أَن يَمُوت يكون قد وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل وَإِذا هرب وكفانا شَره لم نتبعه إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ حد أَو نَخَاف عاقبته وَمن أسر مِنْهُم أقيم عَلَيْهِ الْحَد الَّذِي يُقَام على غَيره وَمن الْفُقَهَاء من يشدد فيهم حَتَّى يرى غنيمَة أَمْوَالهم وتخميسها وَأَكْثَرهم يأبون ذَلِك فَأَما إِذا تحيزوا إِلَى مملكة طَائِفَة خَارِجَة عَن شَرِيعَة الْإِسْلَام وأعانوهم على الْمُسلمين قوتلوا كقتالهم

وَأما من كَانَ لَا يقطع الطَّرِيق وَلكنه يَأْخُذ خفارة أَو ضريبة من أَبنَاء السَّبِيل على الرؤوس

<<  <  ج: ص:  >  >>