للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَقْوَالهم بِغَيْر مَا تستحقه من التَّرْجَمَة وتفسيرها بِغَيْر مَا تستحقه من التَّفْسِير الَّذِي دلّ عَلَيْهِ كَلَام الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَإِنَّهُ يجب أَن يُفَسر كَلَام الْمُتَكَلّم بِبَعْض ببع وَيُؤْخَذ كَلَامه هَا هُنَا وَهَا هُنَا وتعرف مَا عَادَته يُعينهُ ويريده بذلك اللَّفْظ إِذا تكلم بِهِ وتعرف الْمعَانِي الَّتِي عرف أَنه أرادها فِي مَوضِع آخر فَإِذا عرف عرفه وعادته فِي مَعَانِيه وَأَلْفَاظه كَانَ هَذَا مِمَّا يستعان بِهِ على معرفَة مُرَاده

وَأما إِذا اسْتعْمل لَفظه فِي معنى لم تجر عَادَته بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ وَترك اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الَّذِي جرت عَادَته بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ وَحمل كَلَامه على خلاف الْمَعْنى الَّذِي قد عرف أَنه يُريدهُ بذلك اللَّفْظ يَجْعَل كَلَامه متناقضا وَيتْرك كَلَامه على مَا يُنَاسب سَائِر كَلَامه كَانَ ذَلِك تحريفا لكَلَامه عَن مَوْضِعه وتبديلا لمقاصده وكذبا عَلَيْهِ

فَهَذَا أصل من ضل فِي تَأْوِيل كَلَام الْأَنْبِيَاء على غير مُرَادهم فَإِذا عرف هَذَا فَيَقُول

الرَّد عَلَيْهِم

الْجَواب عَمَّا ذَكرُوهُ هُنَا من وُجُوه

أَحدهمَا أَن الله لم يذكر عَن الْمَسِيح خلقا مُطلقًا وَلَا خلقا عَاما كَمَا ذكر عَن نَفسه تبَارك وَتَعَالَى فَأول مَا أنزل الله على نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علق اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم}

وَقَالَ تَعَالَى {هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر سُبْحَانَ الله عَمَّا يشركُونَ هُوَ الله الْخَالِق البارئ المصور لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى}

فَذكر نَفسه بِأَنَّهُ الْخَالِق البارىء المصور وَلم يصف قطّ شَيْئا من الْمَخْلُوقَات بِهَذَا لَا ملكا وَلَا نَبيا وَكَذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {الله خَالق كل شَيْء وَهُوَ على كل شَيْء وَكيل لَهُ مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض}

وَقَالَ تَعَالَى {وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ وخلقهم وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَنى يكون لَهُ ولد وَلم تكن لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شَيْء وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم}

<<  <  ج: ص:  >  >>