وَوصف نَفسه بِأَنَّهُ رب الْعَالمين وَبِأَنَّهُ مَالك يَوْم الدّين وَأَنه لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَأَنه الْحَيّ القيوم لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم وَأَنه على كل شَيْء قدير وَبِكُل شَيْء عليم وَنَحْو ذَلِك من خَصَائِص الربوبية وَلم يصف شَيْئا من مخلوقاته لَا ملكا مقربا وَلَا نَبيا مُرْسلا بِشَيْء من الخصائص الَّتِي يخْتَص بهَا الَّتِي وصف بهَا نَفسه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
وَأما الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ فِيهِ {وَإِذ تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير بإذني فتنفخ فِيهَا فَتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني}
وَقَالَ الْمَسِيح عَن نَفسه {أخلق لكم من الطين كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ فَيكون طيرا بِإِذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الْمَوْتَى بِإِذن الله} فَلم يذكر إِلَّا خلق شَيْء معِين خَاص بِإِذن الله فَكيف يكون هَذَا الْخلق هُوَ ذَاك
الْوَجْه الثَّانِي أَنه خلق من الطين كَهَيئَةِ الطير وَالْمرَاد بِهِ تَصْوِيره بِصُورَة الطير وَهَذَا الْخلق يقدر عَلَيْهِ عَامَّة النَّاس فَإِنَّهُ يُمكن أحدهم أَن يصور من الطين كَهَيئَةِ الطير وَغير الطير من الْحَيَوَانَات وَلَكِن التَّصْوِير محرم بِخِلَاف تَصْوِير الْمَسِيح فَإِن الله أذن لَهُ فِيهِ
والمعجزة أَنه ينْفخ فِيهِ الرّوح فَيصير طيرا بِإِذن الله عز وَجل لَيْسَ المعجزة مُجَرّد خلقه من الطين فَإِن هَذَا مُشْتَرك وَلَقَد لعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المصورين وَقَالَ
إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة المصورون
الْوَجْه الثَّالِث أَن الله أخبر أَن الْمَسِيح إِنَّمَا فعل التَّصْوِير وَهُوَ محرم والنفخ بِإِذْنِهِ تَعَالَى وَأخْبر الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام أَنه فعله بِإِذن الله وَأخْبر الله أَن هَذَا من نعْمَته الَّتِي أنعم بهَا على الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ وجعلناه مثلا لبني إِسْرَائِيل}
وَقَالَ تَعَالَى لَهُ {عِيسَى ابْن مَرْيَم اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك إِذْ أيدتك بِروح الْقُدس تكلم النَّاس فِي المهد وكهلا وَإِذ علمتك الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة وَالْإِنْجِيل وَإِذ تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير بإذني فتنفخ فِيهَا فَتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وَإِذ تخرج الْمَوْتَى بإذني وَإِذ كَفَفْت بني إِسْرَائِيل عَنْك إِذْ جئتهم بِالْبَيِّنَاتِ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute