[فصل]
وَسُئِلَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَامِل
الحبر الْكَامِل شيخ الْإِسْلَام ومفتي الْأَنَام تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية أيده الله وزاده من فَضله الْعَظِيم عَن الصَّبْر الْجَمِيل فِي قَوْله تَعَالَى {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} و {الصفح} الهجر الْجَمِيل وَمَا أَقسَام التَّقْوَى وَالصَّبْر الَّذِي عَلَيْهِ النَّاس
فَأجَاب رَحمَه الله
الْحَمد لله أما بعد الله أَمر نبيه بالهجر الْجَمِيل والصفح الْجَمِيل وَالصَّبْر الْجَمِيل فالهجر الْجَمِيل هجر بِلَا أَذَى والصفح الْجَمِيل صفح بِلَا عتاب وَالصَّبْر الْجَمِيل صَبر بِلَا شكوى قَالَ يَعْقُوب عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} مَعَ قَوْله {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} فالشكوى إِلَى الله لَا تنَافِي الصَّبْر الْجَمِيل ويروى عَن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه كَانَ يَقُول اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وَإِلَيْك المشتكى وَأَنت الْمُسْتَعَان وَبِك المستغاث وَعَلَيْك التكلان وَمن دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِلَيْك أَشْكُو ضعف قوتي وَقلة حيلتي وهواني على النَّاس أَنْت رب الْمُسْتَضْعَفِينَ وانت رَبِّي اللَّهُمَّ إِلَى من تَكِلنِي إِلَى بعيد يتجهمني أم إِلَى عَدو ملكته أَمْرِي إِن لم يكن بك غضب عَليّ فَلَا ابالي غير أَن عافيتك هِيَ أوسع لي أعوذ بِنور وَجهك الَّذِي اشرقت لَهُ الظُّلُمَات وَصلح عَلَيْهِ أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَن ينزل بِي سخطك أَو يحل عَليّ غضبك لَك العتبى حَتَّى ترْضى وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} ويبكي حَتَّى يسمع نَشِيجه من آخر الصُّفُوف
بِخِلَاف الشكوى إِلَى الْمَخْلُوق قرىء على الإِمَام أَحْمد فِي مرض مَوته أَن طاووسا كره أَنِين الْمَرِيض وَقَالَ إِنَّه شكوى فَمَا أَن حَتَّى مَاتَ وَذَلِكَ أَن المشتكي طَالب بِلِسَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute