- ثمَّ قَالَ {سماعون للكذب أكالون للسحت} فَذكر أَنهم فِي غذاءي الْجَسَد وَالْقلب يغتدون الْحَرَام بِخِلَاف من يَأْكُل الْحَلَال وَلَا يقبل إِلَّا الصدْق وَفِيه ذمّ لمن يروج عَلَيْهِ الْكَذِب ويقبله أَو يؤثره لموافقته هَوَاهُ فَيدْخل فِيهِ قبُول الْمذَاهب الْفَاسِدَة لِأَنَّهَا كذب لَا سِيمَا إِذا اقْترن بذلك قبُولهَا لأجل الْعِوَض عَلَيْهَا سَوَاء كَانَ الْعِوَض من ذِي سُلْطَان أَو وقف أَو فتوح أَو هَدِيَّة أَو أُجْرَة أَو غير ذَلِك وَهُوَ شَبيه بقوله {إِن كثيرا من الْأَحْبَار والرهبان ليأكلون أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ ويصدون عَن سَبِيل الله} اهل الْبدع وَأهل الْفُجُور الَّذين يصدقون بِمَا كذب بِهِ على الله وَرَسُوله وَأَحْكَامه وَالَّذين يطيعون فِي مَعْصِيّة الْخَالِق
وَمثله {هَل أنبئكم على من تنزل الشَّيَاطِين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السّمع وَأَكْثَرهم كاذبون} فَإِنَّمَا تنزلت بِالسَّمْعِ الَّذِي يخلط فِيهِ بِكَلِمَة الصدْق ألف كلمة من الْكَذِب على من هُوَ كَذَّاب فَاجر فَيكون سَمَاعا للكذب من مسترقة السّمع