وَقَالَ الْجُمْهُور من أهل السّنة وَغَيرهم بل هُوَ حَكِيم فِي خلقه وَأمره وَالْحكمَة لَيست مُطلق الْمَشِيئَة إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ كل مُرِيد حكيما وَمَعْلُوم أَن الْإِرَادَة تَنْقَسِم إِلَى محمودة ومذمومة بل الْحِكْمَة تَتَضَمَّن مَا فِي خلقه وَأمره من العواقب المحمودة والغايات المحبوبة وَالْقَوْل بِإِثْبَات هَذِه الْحِكْمَة لَيْسَ هُوَ قَول الْمُعْتَزلَة وَمن وافقهم من الشِّيعَة فَقَط بل هُوَ قَول جَمَاهِير طوائف الْمُسلمين من أهل التَّفْسِير وَالْفِقْه والْحَدِيث والتصوف وَالْكَلَام وَغَيرهم فأئمة الْفُقَهَاء متفقون على إِثْبَات الْحِكْمَة والمصالح فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَإِنَّمَا يُنَازع فِي ذَلِك طَائِفَة من نفاة الْقيَاس وَغير نفاته وَكَذَلِكَ مَا فِي خلقه من الْمَنَافِع وَالْحكم والمصالح لِعِبَادِهِ مَعْلُوم
وَأَصْحَاب القَوْل الأول كجهم بن صَفْوَان وموافقيه كالأشعري وَمن وَافقه من الْفُقَهَاء من أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم يَقُولُونَ لَيْسَ فِي الْقُرْآن لَام التَّعْلِيل فِي أَفعَال الله بل لَيْسَ فِيهِ إِلَّا لَام الْعَاقِبَة
وَأما الْجُمْهُور فَيَقُولُونَ بل لَام التَّعْلِيل دَاخِلَة فِي أَفعَال الله وَأَحْكَامه
وَالْقَاضِي أَبُو يعلى وَأَبُو الْحسن بن الزَّاغُونِيّ وَنَحْوهمَا من أَصْحَاب أَحْمد وَإِن كَانُوا قد يَقُولُونَ بِالْأولِ فهم يَقُولُونَ بِالثَّانِي أَيْضا فِي غير مَوضِع وَكَذَلِكَ أمثالهم من الْفُقَهَاء أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا
وَأما ابْن عقيل فِي بعض الْمَوَاضِع وَأَبُو خازم بن القَاضِي أبي يعلى وَأَبُو الْخطاب الصَّغِير فيصرحون بِالتَّعْلِيلِ وَالْحكمَة فِي أَفعَال الله مُوَافقَة لمن قَالَ ذَلِك من أهل النّظر
وَالْحَنَفِيَّة هم من أهل السّنة وقائلين بِالْقدرِ وجمهورهم يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ والمصالح