للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَهُوَ مَذْهَب الْفُقَهَاء الثَّلَاثَة فِيمَا نَقله غير وَاحِد وَهُوَ قَول عَليّ بن أبي طَالب وَغَيره من الصَّحَابَة مِنْهُم أَبُو الدَّرْدَاء وَأَبُو أُمَامَة والعرباض بن سَارِيَة وَعبادَة بن الصَّامِت وَهُوَ قَول أَكثر فُقَهَاء الشَّام وَغَيرهم

وَالثَّانيَِة لَا يحرم وَإِن سموا غير الله وَهُوَ قَول عَطاء وَمُجاهد وَمَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث

نقل ابْن مَنْصُور أَنه قيل لأبي عبد الله سُئِلَ سُفْيَان عَن رجل ذبح وَلم يذكر اسْم الله مُتَعَمدا قَالَ أرى أَن لَا يُؤْكَل قيل لَهُ أَرَأَيْت إِن كَانَ يرى أَنه يجزىء عَنهُ فَلم يذكر قَالَ أرى أَنه لَا يُؤْكَل قَالَ أَحْمد الْمُسلم فِيهِ اسْم الله يُؤْكَل وَلَكِن قد أَسَاءَ فِي ترك التَّسْمِيَة النَّصَارَى أَلَيْسَ يذكرُونَ غير اسْم الله

وَوجه الِاخْتِلَاف أَن هَذَا قد دخل فِي قَوْله عز وَجل {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} وَفِي عُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَمَا أهل لغير الله بِهِ} لِأَن هَذِه الْآيَة تعم كل مَا نطق بِهِ لغير الله يُقَال أَهلَلْت بِكَذَا إِذا تَكَلَّمت بِهِ وَإِن كَانَ أَصله الْكَلَام الرفيع فَإِن الحكم لَا يخْتَلف بِرَفْع الصَّوْت وخفضه وَإِنَّمَا لما كَانَت عَادَتهم رفع الصَّوْت فِي الأَصْل خرج الْكَلَام على ذَلِك فَيكون الْمَعْنى وَمَا تكلم بِهِ لغير الله وَمَا نطق بِهِ لغير الله

وَمَعْلُوم أَن مَا حرم أَن تجْعَل غير الله مُسَمّى فَكَذَلِك منويا إِذْ هَذَا مثل النيات فِي الْعِبَادَات فَإِن اللَّفْظ بهَا وَأَن كَانَ أبلغ لَكِن الأَصْل الْقَصْد

أَلا ترى أَن المتقرب بالهدايا والضحايا سَوَاء قَالَ أذبحه لله أَو سكت فَإِن الْعبْرَة بِالنِّيَّةِ وتسميته الله على الذَّبِيحَة غير ذَبحهَا لله فَإِنَّهُ يُسَمِّي على مَا يقْصد بِهِ اللَّحْم وَأما القربان فَيذْبَح لله سُبْحَانَهُ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قربانه

اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك بعد قَوْله بِسم الله وَالله أكبر لقَوْله تَعَالَى {إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين} والكافرون يصنعون بآلهتهم كَذَلِك فَتَارَة يسمون آلِهَتهم على الذَّبَائِح وَتارَة يذبحونها قربانا إِلَيْهِم وَتارَة يجمعُونَ بَينهمَا وكل ذَلِك وَالله أعلم يدْخل فِيمَا أهل لغير الله بِهِ فَإِن من سمى غير الله فقد أهل بِهِ لغير الله فَقَوله باسم كَذَا استعانة بِهِ وَقَوله لكذا عبَادَة لَهُ وَلِهَذَا جمع الله بَينهمَا فِي قَوْله {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين}

<<  <  ج: ص:  >  >>