وَالْوَلِيّ مُشْتَقّ من الْوَلَاء وَهُوَ الْقرب كَمَا أَن الْعَدو من الْعَدو وَهُوَ الْبعد فولي الله من وَالَاهُ بالموافقة لَهُ فِي محبوباته ومرضياته وتقرب إِلَيْهِ بِمَا أَمر بِهِ من طاعاته وَقد ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح الصِّنْفَيْنِ الْمُقْتَصِدِينَ من أَصْحَاب الْيَمين وهم المتقربون إِلَى الله بالواجبات والسابقين المقربين وهم المتقربون إِلَيْهِ بالنوافل بعد الْوَاجِبَات
وَالْوَلِيّ الْمُطلق هُوَ من مَاتَ على ذَلِك فَأَما إِن قَامَ بِهِ الْإِيمَان وَالتَّقوى وَكَانَ فِي علم الله أَنه يرْتَد عَن ذَلِك فَهَل يكون فِي حَال إيمَانه وتقواه وليا لله أَو يُقَال لم يكن وليا لله قطّ لعلم الله بعاقبته هَذَا فِيهِ قَولَانِ للْعُلَمَاء وَكَذَلِكَ عِنْدهم الْإِيمَان الَّذِي يعقبه الْكفْر هَل هُوَ إِيمَان صَحِيح ثمَّ يبطل بِمَنْزِلَة مَا يحبط من الْأَعْمَال بعد كَمَاله أَو هُوَ إِيمَان بَاطِل بِمَنْزِلَة من أفطر قبل غرُوب الشَّمْس فِي صِيَامه وَمن أحدث قبل السَّلَام فِي صلَاته فِيهِ أَيْضا قَولَانِ للفقهاء والمتكلمين والصوفية
والنزاع فِي ذَلِك بَين أهل السّنة والْحَدِيث من أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد وَغَيرهم وَكَذَلِكَ يُوجد النزاع فِيهِ بَين أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهم لَكِن أَكثر أَصْحَاب أبي حنيفَة لَا يشترطون سَلامَة الْعَاقِبَة وَكثير من أَصْحَاب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد يشْتَرط سَلامَة الْعَاقِبَة وَهُوَ قَول كثير من متكلمي أهل الحَدِيث كالأشعري وَمن متكلمي الشِّيعَة ويبنون على هَذَا النزاع أَن ولي الله هَل يصير عدوا لله وَبِالْعَكْسِ وَمن أحبه الله وَرَضي عَنهُ هَل أبغضه وَسخط عَلَيْهِ فِي وَقت مَا وَبِالْعَكْسِ وَمن أبغضه الله وَسخط عَلَيْهِ هَل أحبه الله وَرَضي عَنهُ فِي وَقت مَا على الْقَوْلَيْنِ
وَالتَّحْقِيق هُوَ الْجمع بَين الْقَوْلَيْنِ فَإِن علم الله الْقَدِيم الأزلي وَمَا يتبعهُ من محبته وَرضَاهُ وبغضه وَسخطه وولايته وعداوته لَا يتَغَيَّر فَمن علم الله مِنْهُ أَنه يوافي حِين مَوته بِالْإِيمَان وَالتَّقوى فقد تعلق بِهِ محبَّة الله وولايته وَرضَاهُ عَنهُ أزلا وأبدا وَكَذَلِكَ من علم الله مِنْهُ