يجب التَّصْدِيق الْعَام بِهِ فَإِن كثيرا مِمَّن يظنّ بِهِ أَنه حصل لَهُ هَذَا الْكَشْف يكون ظَانّا فِي ذَلِك ظنا لَا يُغني من الْحق شَيْئا وَأهل المكاشفات والمخاطبات يصيبون تَارَة ويخطئون أُخْرَى كَأَهل النّظر وَالِاسْتِدْلَال فِي موارد الِاجْتِهَاد وَلِهَذَا وَجب عَلَيْهِم جَمِيعهم أَن يعتصموا بِكِتَاب الله وَسنة رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن يزنوا مواجيدهم ومشاهدتهم وآراءهم ومعقولاتهم بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله وَلَا يكتفوا بِمُجَرَّد ذَلِك فَإِن سَنَد الْمُحدثين والمخاطبين الملهمين من هَذِه الْأمة هُوَ عمر ابْن الْخطاب وَقد كَانَت تقع لَهُ وقائع فيردها عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو صديقه التَّابِع لَهُ الْآخِذ عَنهُ الَّذِي هُوَ أكمل من الْمُحدث الَّذِي يحدثه قلبه عَن ربه
وَلِهَذَا وَجب على جَمِيع الْخلق اتِّبَاع الرَّسُول وطاعته فِي جَمِيع أُمُوره الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة وَلَو كَانَ أحد يَأْتِيهِ من الله مَالا يحْتَاج إِلَى عرضه على الْكتاب وَالسّنة لَكَانَ مستغنيا عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض دينه وَهَذَا من أَقْوَال المارقين الَّذين يظنون أَن من النَّاس من يكون مَعَ الرَّسُول كالخضر مَعَ مُوسَى وَمن قَالَ هَذَا فَهُوَ كَافِر
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته فَينْسَخ الله مَا يلقِي الشَّيْطَان ثمَّ يحكم الله آيَاته وَالله عليم حَكِيم} فقد ضمن الله للرسول وَلِلنَّبِيِّ أَن ينْسَخ مَا يلقِي الشَّيْطَان فِي أمْنِيته وَلم يضمن ذَلِك للمحدث وَلِهَذَا كَانَ فِي الْحَرْف الآخر الَّذِي كَانَ يقْرَأ بِهِ ابْن عَبَّاس وَغَيره وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته
وَيحْتَمل وَالله أعلم أَن لَا يكون هَذَا الْحَرْف متلوا حَيْثُ لم يضمن نسخ مَا ألْقى الشَّيْطَان فِي أُمْنِية الْمُحدث فَإِن نسخ مَا ألْقى الشَّيْطَان لَيْسَ إِلَّا للأنبياء وَالْمُرْسلِينَ إِذْ هم معصومون فِيمَا يبلغونه عَن الله تَعَالَى أَن يسْتَقرّ فِيهِ شَيْء من إِلْقَاء الشَّيْطَان وَغَيرهم لَا تجب عصمته من ذَلِك وَإِن كَانَ من أَوْلِيَاء الله الْمُتَّقِينَ فَلَيْسَ من شَرط أَوْلِيَاء الله الْمُتَّقِينَ أَن لَا يَكُونُوا مخطئين فِي بعض الْأَشْيَاء خطأ مغفورا لَهُم بل وَلَا من شرطهم ترك الصَّغَائِر مُطلقًا بل وَلَا من شرطهم ترك الْكَبَائِر أَو الْكفْر الَّذِي تعقبه التَّوْبَة
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ أُولَئِكَ هم المتقون لَهُم مَا يشاؤون عِنْد رَبهم ذَلِك جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ليكفر الله عَنْهُم أَسْوَأ الَّذِي عمِلُوا ويجزيهم أجرهم بِأَحْسَن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ} فقد وَصفهم الله بِأَنَّهُم هم المتقون والمتقون هم أَوْلِيَاء