فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي عَائِشَة خَاصَّة وروى أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي الجوزاء فِي هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي عَائِشَة خَاصَّة وروى أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي الجوزاء فِي هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} قَالَ هَذِه الْآيَة لأمهات الْمُؤمنِينَ خَاصَّة وروى الْأَشَج بِإِسْنَادِهِ عَن الضَّحَّاك فِي هَذِه الْآيَة قَالَ هن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ معمر عَن الْكَلْبِيّ إِنَّمَا عَنى بِهَذِهِ الْآيَة أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَما من رمى امْرَأَة من الْمُسلمين فَهُوَ فَاسق كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {أَو يَتُوب}
وَوجه هَذَا أَن لعنة الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَا تستوجب بِمُجَرَّد الْقَذْف فَتكون اللَّام فِي قَوْله {الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} لتعريف الْمَعْهُود والمعهود هُنَا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْكَلَام فِي قصَّة الْإِفْك وَوُقُوع من وَقع فِي أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة أَو يقصر اللَّفْظ الْعَام على سَببه للدليل الَّذِي يُوجب ذَلِك وَيُؤَيّد هَذَا القَوْل أَن الله سُبْحَانَهُ رتب هَذَا الْوَعْد على قذف محصنات غافلات مؤمنات وَقَالَ فِي أول السُّورَة {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة} الْآيَة فرتب الْحُدُود وَالشَّهَادَة وَالْفِسْق على مُجَرّد قذف الْمُحْصنَات فَلَا بُد أَن يكون الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لَهُنَّ مزية على مُجَرّد الْمُحْصنَات وَذَلِكَ وَالله أعلم لِأَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مشهود لَهُنَّ بِالْإِيمَان لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ وَهن أَزوَاج نبيه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وعوام المسلمات إِنَّمَا يعلم مِنْهُنَّ فِي الْغَالِب ظَاهر الْإِيمَان وَلِأَن الله سُبْحَانَهُ قَالَ فِي قصَّة عَائِشَة وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم فتخصيصه مُتَوَلِّي كبره دون غَيره دَلِيل على اخْتِصَاصه بِالْعَذَابِ الْعَظِيم وَقَالَ {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم فِيهِ عَذَاب عَظِيم} فَعلم أَن الْعَذَاب الْعَظِيم لَا يمس كل من قذف وَإِنَّمَا يمس مُتَوَلِّي كبره فَقَط وَقَالَ هُنَا {وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} فَعلم أَن الَّذِي رمى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ يعيب بذلك رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَوَلَّى كبر الْإِفْك وَهَذِه صفة الْمُنَافِق ابْن أبي وَالله أعلم على هَذَا القَوْل تكون هَذِه الْآيَة حجَّة أَيْضا مُوَافقَة لتِلْك الْآيَة لِأَنَّهُ لما كَانَ رمي أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ أَذَى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن صَاحبه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلِهَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس لَيْسَ فِيهَا تَوْبَة لِأَن مؤذي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقبل تَوْبَته أَو يُرِيد إِذا تَابَ من الْقَذْف حَتَّى يسلم إسلاما جَدِيدا وعَلى هَذَا فرميهن نفاق مُبِيح للدم إِذا قصد بِهِ أَذَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بعد الْعلم بأنهن أَزوَاجه فِي الْآخِرَة فَإِنَّهُ مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute