جَازَ أَن يكون من جني الْعَذَاب فِي قَوْله {لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم فِيهِ عَذَاب عَظِيم}
وَمِمَّا يبين بِهِ الْفرق أَيْضا سُبْحَانَهُ قَالَ هُنَاكَ {وَأعد لَهُم عذَابا مهينا} وَالْعَذَاب إِنَّمَا أعد للْكَافِرِينَ فَإِن جَهَنَّم لَهُم خلقت لأَنهم لَا بُد أَن يدخلوها وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين
وَأهل الْكَبَائِر من الْمُؤمنِينَ يجوز أَن يدخلوها إِذا غفر الله لَهُم وَإِذا دخلوها فَإِنَّهُم يخرجُون مِنْهَا وَلَو بعد حِين قَالَ سُبْحَانَهُ {وَاتَّقوا النَّار الَّتِي أعدت للْكَافِرِينَ} فَأمر سُبْحَانَهُ الْمُؤمنِينَ أَن لَا يَأْكُلُوا الرِّبَا وَأَن يتقوا الله وَأَن يتقوا النَّار الَّتِي أعدت للْكَافِرِينَ فَعلم أَنهم يخَاف عَلَيْهِم من دُخُول النَّار إِذا أكلُوا الرِّبَا وفعلوا الْمعاصِي مَعَ أَنَّهَا معدة للْكَافِرِينَ لَا لَهُم وَلذَلِك جَاءَ فِي الحَدِيث أما أهل النَّار هم أَهلهَا فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون وَأما أَقوام لَهُم ذنُوب فيصيبهم سفع من نَار ثمَّ يخرجهم الله مِنْهَا
وَهَذَا كَمَا أَن الْجنَّة أعدت لِلْمُتقين الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَإِن كَانَ يدخلهَا الْأَبْنَاء بِعَمَل آبَائِهِم ويدخلها قوم بالشفاعة وَقوم بِالرَّحْمَةِ وينشىء الله لما فضل مِنْهَا خلقا آخر فِي الدَّار الْآخِرَة فيدخلهم إِيَّاهَا وَذَلِكَ لِأَن الشَّيْء إِنَّمَا يعد لمن يستوجبه ويستحقه وَلمن أولى النَّاس بِهِ ثمَّ قد يدْخل مَعَه غَيره بطرِيق التبع أَو لسَبَب آخر وَالله أعلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute