للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرسطو وَمن تبعه من متفلسفة أهل الْملَل كالفارابي وَابْن سينا وَمن سلك سبيلهما مِمَّن خلط ذَلِك بالْكلَام والتصوف وَالْفِقْه وَنَحْو هَؤُلَاءِ يَزْعمُونَ أَن تَأْثِير الدُّعَاء فِي نيل الْمَطْلُوب كَمَا يزعمونه فِي تَأْثِير سَائِر الممكنات الْمَخْلُوقَات من القوى الفلكية والطبيعية والقوى النفسانية والعقلية فيجعلون مَا يَتَرَتَّب على الدُّعَاء هُوَ من تَأْثِير النُّفُوس البشرية من غير أَن يثبتوا للخالق سُبْحَانَهُ بذلك علما مفصلا أَو قدرَة على تَغْيِير الْعَالم أَو أَن يثبتوا أَنه لَو شَاءَ أَن يفعل غير مَا فعل لأمكنه ذَلِك فَلَيْسَ هُوَ عِنْدهم قَادِرًا على إِن يجمع عِظَام الْإِنْسَان وَيُسَوِّي بنانه وَهُوَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْخَالِق لَهَا ولقواها فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

أما قَوْله وَإِن كَانَ الدُّعَاء مِمَّا هُوَ كَائِن فَمَا فَائِدَة الْأَمر بِهِ وَلَا بُد من وُقُوعه فَيُقَال الدُّعَاء الْمَأْمُور بِهِ لَا يجب كونا بل أذا أَمر الله الْعباد بِالدُّعَاءِ فَمنهمْ من يطيعه فيستجاب لَهُ دعاؤه وينال طلبته وَيدل ذَلِك على أَن الْمَعْلُوم الْمَقْدُور هُوَ الدُّعَاء والإجابة وَمِنْهُم من يعصيه فَلَا يَدْعُو فَلَا يحصل مَا علق بِالدُّعَاءِ فَيدل ذَلِك على أَنه لَيْسَ فِي الْمَعْلُوم الْمَقْدُور الدُّعَاء وَلَا الْإِجَابَة فالدعاء الْكَائِن هُوَ الَّذِي تقدم الْعلم بِأَنَّهُ كَائِن وَالدُّعَاء الَّذِي لَا يكون هُوَ الَّذِي تقدم الْعلم بِأَنَّهُ لَا يكون

فَإِن قيل فَمَا فَائِدَة الْأَمر فِيمَا علم أَنه يكون من الدُّعَاء قيل الْأَمر هُوَ سَبَب ايضا فِي امْتِثَال الْمَأْمُور بِهِ كَسَائِر الْأَسْبَاب فالدعاء سَبَب يدْفع الْبلَاء فَإِذا كَانَ أقوى مِنْهُ دَفعه وَإِن كَانَ سَبَب الْبلَاء أقوى لم يَدْفَعهُ لَكِن يخففه ويضعفه وَلِهَذَا أَمر عِنْد الْكُسُوف والآيات بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَالصَّدَََقَة وَالْعِتْق وَالله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>