الله هُوَ الْقَصْد مِنْهَا وَهِي سَبِيل وَاحِد ولماكان جِنْسا قَالَ {وَمِنْهَا جَائِر} وَالضَّمِير يعود على مَا ذكر بِلَا تكلّف
وَقَوله لَو كَانَ للْجِنْس لم يكن مِنْهَا جَائِر لَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهَا لَيست كلهَا عَلَيْهِ بل إِنَّمَا عَلَيْهِ الْقَصْد مِنْهَا وَهِي سَبِيل الْهدى والجائر لَيْسَ من الْقَصْد وَكَأَنَّهُ ظن أَنه إِذا كَانَت للْجِنْس يكون عَلَيْهِ قصد كل سَبِيل وَلَيْسَ كَذَلِك بل إِنَّمَا عَلَيْهِ سَبِيل وَاحِدَة وَهِي الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَهِي الَّتِي تدل عَلَيْهِ وسائرها سَبِيل الشَّيْطَان كَمَا قَالَ {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله}
وَقد أحسن رَحمَه الله فِي هَذَا الِاحْتِمَال وَفِي تمثيله ذَلِك بقوله {هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم}
وَأما آيَة اللَّيْل قَوْله {إِن علينا للهدى} فَابْن عَطِيَّة مثلهَا بِهَذِهِ الْآيَة لكنه فَسرهَا بِالْوَجْهِ الأول فَقَالَ
ثمَّ أخبر تَعَالَى أَن عَلَيْهِ هدى النَّاس جَمِيعًا أَي تعريفهم بالسبل كلهَا ومنحهم الْإِدْرَاك كَمَا قَالَ {وعَلى الله قصد السَّبِيل} ثمَّ كل أحد يتكسب مَا قدر لَهُ وَلَيْسَت هَذِه الْهِدَايَة بالارشاد إِلَى الْإِيمَان وَلَو كَانَ كَذَلِك لم يُوجد كَافِر
(قلت) وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذكره ابْن الْجَوْزِيّ وَذكره عَن الزّجاج قَالَ الزّجاج ان علينا أَن نبين طَرِيق الْهدى من طَرِيق الضلال
وَهَذَا التَّفْسِير ثَابت عَن قَتَادَة رَوَاهُ عبد بن حميد قَالَ حَدثنَا يُونُس عَن شَيبَان عَن قَتَادَة {إِن علينا للهدى} علينا بَيَان حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِير سعيد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن علينا للهدى} يَقُول على الله الْبَيَان بَيَان حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته
لَكِن قَتَادَة ذكر أَنه الْبَيَان الَّذِي أرسل الله بِهِ رسله وَأنزل بِهِ كتبه فَتبين بِهِ حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته
وَأما الثَّعْلَبِيّ والواحدي وَالْبَغوِيّ وَغَيرهم فَذكرُوا الْقَوْلَيْنِ وَزَادُوا أقوالا آخر فَقَالُوا وَاللَّفْظ لِلْبَغوِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute