للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِالنّصب لِأَن اللَّفْظَيْنِ سَوَاء فَلَمَّا اتَّفقُوا على الْجَرّ فِي آيَة التَّيَمُّم مَعَ إِمْكَان الْعَطف على الْمحل لَو كَانَ صَوَابا علم أَن الْعَطف على اللَّفْظ وَلم يكن فِي آيَة التَّيَمُّم مَنْصُوب مَعْطُوف على اللَّفْظ كَمَا فِي آيَة الْوضُوء

الرَّابِع أَنه قَالَ {وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} وَلم يقل إِلَى الكعاب فَلَو قدر أَن الْعَطف على الْمحل كالقول الآخر وَأَن التَّقْدِير أَن فِي كل رجلَيْنِ كعبين وَفِي كل رجل كَعْب وَاحِد لقيل إِلَى الكعاب كَمَا قيل إِلَى الْمرَافِق لما كَانَ فِي كل يَد مرفق وَحِينَئِذٍ فالكعبان هما العظمان الناتئان فِي جَانِبي السَّاق لَيْسَ هُوَ معقد الشرَاك مجمع السَّاق والقدم كَمَا يَقُوله من يرى الْمسْح على الرجلَيْن فَإِذا كَانَ الله تبَارك وَتَعَالَى إِنَّمَا أَمر بِطَهَارَة الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ الناتئين والماسح يمسح إِلَى مجمع الْقدَم والساق علم أَنه مُخَالف الْقُرْآن

الْوَجْه الْخَامِس أَن الْقِرَاءَتَيْن كالآيتين وَالتَّرْتِيب فِي الْوضُوء إِمَّا وَاجِب وَإِمَّا مُسْتَحبّ مُؤَكد الِاسْتِحْبَاب فَإِذا فصل مَمْسُوح بَين مغسولين وَقطع النظير عَن النظير دلّ ذَلِك على التَّرْتِيب الْمَشْرُوع فِي الْوضُوء

الْوَجْه السَّادِس أَن السّنة تفسر الْقُرْآن وتدل عَلَيْهِ وتعبر عَنهُ وَهِي قد جَاءَت بِالْغسْلِ

الْوَجْه السَّابِع أَن التَّيَمُّم جعل بَدَلا عَن الْوضُوء عِنْد الْحَاجة فَحذف شطر أَعْضَاء الْوضُوء وخف الشّطْر الثَّانِي وَذَلِكَ فَإِنَّهُ حذف مَا كَانَ ممسوحا وَمسح مَا كَانَ مغسولا

وَأما الْقِرَاءَة الْأُخْرَى وَهِي قِرَاءَة من قَرَأَ وأرجلكم بالخفض فَهِيَ لَا تخَالف السّنة المتواترة إِذْ القراءتان كالآيتين وَالسّنة الثَّابِتَة لَا تخَالف كتاب الله بل توافقه وَتصدقه وَلَكِن تفسره وتبينه لمن قصر فهمه عَن فهم الْقُرْآن فَإِن الْقُرْآن فِيهِ دلالات خُفْيَة تخفى على كثير من النَّاس وَفِيه مَوَاضِع ذكرت مجملة تفسرها السّنة وتبينها

وَالْمسح اسْم جنس يدل على إلصاق الْمَمْسُوح بِهِ بالممسوح وَلَا يدل على لَفظه وجريانه لَا بِنَفْي وَلَا إِثْبَات قَالَ أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ وَغَيره الْعَرَب تَقول تمسحت للصَّلَاة فتسمي الْوضُوء كُله مسحا وَلَكِن من عَادَة الْعَرَب وَغَيرهم إِذا كَانَ الِاسْم عَاما تَحْتَهُ نَوْعَانِ خصوا أحد نوعيه باسم خَاص وأبقوا الِاسْم الْعَام للنوع الآخر كَمَا فِي لَفْظَة الدَّابَّة فَإِنَّهُ عَام للْإنْسَان وَغَيره من الدَّوَابّ لَكِن للْإنْسَان اسْم يَخُصُّهُ فصاروا يطلقونه على غَيره

وَكَذَلِكَ لفظ الْحَيَوَان وَلَفظ ذَوي الْأَرْحَام يتَنَاوَل لكل ذِي رحم لَكِن للْوَارِث بِفَرْض أَو تعصيب اسْم يَخُصُّهُ

وَكَذَلِكَ لفظ الْمُؤمن يتَنَاوَل من آمن بِاللَّه وبملائكته وَكتبه وَرُسُله وَمن آمن بالجبت

<<  <  ج: ص:  >  >>