للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالصَّوَاب أَن هَذِه الْأَقْوَال جَمِيعهَا قَول طوائف النَّصَارَى الْمَشْهُورَة الملكية واليعقوبية والنسطورية فَإِن هَذِه الطوائف كلهَا تَقول بالأقانيم الثَّلَاثَة الْأَب وَالِابْن وروح الْقُدس فَتَقول إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة وَتقول عَن الْمَسِيح إِنَّه الله وَتقول إِنَّه ابْن الله وهم متفقون على اتِّحَاد اللاهوت والناسوت وَأَن المتحد هُوَ الْكَلِمَة وهم متفقون على عقيدة إِيمَانهم الَّتِي تَتَضَمَّن ذَلِك وَهُوَ قَوْلهم نؤمن بإله وَاحِد أَب ضَابِط الْكل خَالق السَّمَاوَات وَالْأَرْض كل مَا يرى وَمَا لَا يرى وبرب وَاحِد يسوع الْمَسِيح ابْن الله الوحيد الْمَوْلُود من الْأَب قبل كل الدهور نور من نور إِلَه حق من إِلَه حق من إِلَه حق مَوْلُود غير مَخْلُوق

وَأما قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقولُوا ثَلَاثَة} وَقَوله {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة}

فقد فسروه بالتثليث الْمَشْهُور عَنْهُم الْمَذْكُور فِي امانتهم وَمن النَّاس من يَقُول إِن الله هُوَ الْمَسِيح بن مَرْيَم قَول اليعقوبية وَقَوْلهمْ ثَالِث ثَلَاثَة هُوَ قَول النَّصَارَى الَّذين يَقُولُونَ بِالْأَبِ وَالِابْن وهم قد جعلُوا الله فِيهَا ثَالِث ثَلَاثَة وَسموا كل وَاحِد من الثَّلَاثَة بالإله والرب وَقد فسره طَائِفَة بجعلهم عِيسَى وَأمه إِلَهَيْنِ يعبدان من دون الله

قَالَ السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة} قَالَ قَالَت النَّصَارَى إِن الله هُوَ الْمَسِيح وَأمه فَذَلِك قَوْله {أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله}

وَقد قيل قَول ثَالِث أغرب من ذَلِك عَن أبي صَخْر قَالَ لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة

قَالَ هُوَ قَول الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله وَقَول النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله فَجعلُوا الله ثَالِث ثَلَاثَة وَهَذَا ضَعِيف وَقد ذكر سعيد بن البطريق فِي أَخْبَار النَّصَارَى أَن مِنْهُم طَائِفَة يُقَال لَهُم المرسية يَقُولُونَ إِن مَرْيَم إِلَه وَإِن عِيسَى إِلَه فقد يُقَال إِن هَذَا قَول هَؤُلَاءِ كَمَا أَن القَوْل بِأَن عُزَيْرًا ابْن الله قَول طَائِفَة من الْيَهُود

وَأما الأول فمتوجه فَإِن النَّصَارَى المتفقين على الْأَمَانَة كلهم يَقُولُونَ إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة وَالله تَعَالَى قد نَهَاهُم عَن أَن يَقُولُوا ذَلِك فَقَالَ تَعَالَى {يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ فآمنوا بِاللَّه وَرُسُله وَلَا تَقولُوا ثَلَاثَة انْتَهوا خيرا لكم}

<<  <  ج: ص:  >  >>