صلى الْكُسُوف مرّة فِي أحد الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَغَيرهم حَدِيث الثَّلَاثَة والأربع فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا صلى مرّة وَاحِدَة وَفِي حَدِيث الثَّلَاث والأربع أَنه صلاهَا يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم ابْنه وَأَحَادِيث الركوعين كَانَت ذَلِك الْيَوْم فَمثل هَذَا الْغَلَط إِذا وَقع كَانَ فِي نفس الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مَا يبين أَنه غلط وَالْبُخَارِيّ إِذا روى الحَدِيث بطرق فِي بَعْضهَا غلط فِي بعض الْأَلْفَاظ ذكر مَعَه الطّرق الَّتِي تبين ذَلِك الْغَلَط كَمَا قد بسطنا الْكَلَام على ذَلِك فِي مَوْضِعه
فَكَذَلِك إِذا قيل أَنه وَقع تَبْدِيل فِي بعض أَلْفَاظ الْكتب الْمُتَقَدّمَة كَانَ فِي الْكتب مَا يبين ذَلِك الْغَلَط وَقد قدمنَا أَن الْمُسلمين لَا يدعونَ أَن كل نُسْخَة فِي الْعَالم من زمن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكُل لِسَان من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور بدلت ألفاظها فَإِن هَذَا لَا أعرف أحدا من السّلف قَالَه وَإِن كَانَ من الْمُتَأَخِّرين من قد يَقُول ذَلِك كَمَا فِي بعض الْمُتَأَخِّرين من يجوز الِاسْتِنْجَاء بِكُل مَا فِي الْعَالم من نسخ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَلَيْسَتْ هَذِه الْأَقْوَال وَنَحْوهَا من أَقْوَال سلف الْأمة وأئمتها وَعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لما رأى بيد كَعْب الْأَحْبَار نُسْخَة من التَّوْرَاة قَالَ يَا كَعْب إِن كنت تعلم أَن هَذِه هِيَ التَّوْرَاة الَّتِي أنزلهَا الله على مُوسَى بن عمرَان فاقرأها فعلق الْأَمر على مَا يمْتَنع الْعلم بِهِ وَلم يجْزم عمر رَضِي الله عَنهُ بِأَن أَلْفَاظ تِلْكَ مبدلة لما لم يتَأَمَّل كل مَا فِيهَا وَالْقُرْآن وَالسّنة المتواترة يدلان على أَن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الْمَوْجُودين فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهمَا مَا أنزلهُ الله عز وَجل والجزم بتبديل ذَلِك فِي جَمِيع النّسخ الَّتِي فِي الْعَالم مُتَعَذر وَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى ذكره وَلَا علم لنا بذلك وَلَا يُمكن أحدا من أهل الْكتاب أَن يَدعِي أَن كل نُسْخَة فِي الْعَالم بِجَمِيعِ الْأَلْسِنَة من الْكتب متفقة على لفظ وَاحِد فَإِن هَذَا مِمَّا لَا يُمكن أحدا من الْبشر أَن يعرفهُ بِاخْتِيَارِهِ وامتحانه وَإِنَّمَا يعلم مثل هَذَا بِالْوَحْي وَإِلَّا فَلَا يُمكن أحدا من الْبشر أَن يُقَابل كل نُسْخَة مَوْجُودَة فِي الْعَالم بل نُسْخَة من جَمِيع الْأَلْسِنَة بالكتب الْأَرْبَعَة وَالْعِشْرين وَقد رأيناها مُخْتَلفَة فِي الْأَلْفَاظ اخْتِلَافا بَينا والتوراة هِيَ أصح الْكتب وأشهرها عِنْد الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمَعَ هَذَا فنسخة السامرة مُخَالفَة لنسخة الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَتَّى فِي نفس الْكَلِمَات الْعشْر ذكر فِي نُسْخَة السامرة مِنْهَا من أَمر اسْتِقْبَال الطّور مَا لَيْسَ فِي نُسْخَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَهَذَا مِمَّا يبين أَن التبديل وَقع فِي كثير من نسخ هَذَا الْكتب فَإِن عِنْد السامرة نسخا مُتعَدِّدَة وَكَذَلِكَ رَأينَا فِي الزبُور نسخا مُتعَدِّدَة تخَالف بَعْضهَا بَعْضًا مُخَالفَة كَثِيرَة فِي كثير من الْأَلْفَاظ والمعاني يقطع من رَآهَا أَن كثيرا مِنْهَا كذب على زبور دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَأما الأناجيل فالاضطراب فِيهَا أعظم مِنْهُ فِي التَّوْرَاة
فَإِن قيل فَإِذا كَانَت الْكتب الْمُتَقَدّمَة مَنْسُوخَة فلماذا ذمّ أهل الْكتاب عَن ترك الحكم بِمَا أنزل الله مِنْهَا قيل النّسخ لم يَقع إِلَّا فِي قَلِيل من الشَّرَائِع وَإِلَّا فالأخبار عَن الله وَعَن