وَلَا يعيشون فِي أهل الْقبْلَة إِلَّا من جنس الْيَهُود فِي أهل الْملَل
ثمَّ يُقَال من هَؤُلَاءِ الَّذين زهدوا فِي الدُّنْيَا وَلم تأخذهم فِي الله لومة لائم مِمَّن لم يُبَايع أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم وَبَايع عليا فَإِنَّهُ من الْمَعْلُوم أَن فِي زمن الثَّلَاثَة لم يكن أحد منحازا عَن الثَّلَاثَة مظْهرا لمخالفتهم ومبايعة عَليّ بل كل النَّاس كَانُوا مبايعين لَهُم فغاية مَا يُقَال أَنهم كَانُوا يكتمون تَقْدِيم عَليّ وَلَيْسَت هَذِه حَال من لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم
وَأما فِي حَال ولَايَة عَليّ فقد كَانَ رَضِي الله عَنهُ من أَكثر النَّاس لوما لمن مَعَه على قلَّة جهادهم ونكولهم عَن الْقِتَال فَأَيْنَ هَؤُلَاءِ الَّذين لَا تأخذهم فِي الله لومة لائم من هَؤُلَاءِ الشِّيعَة
وَإِن كذبُوا على أبي ذَر من الصَّحَابَة وسلمان وعمار وَغَيرهم فَمن الْمُتَوَاتر أَن هَؤُلَاءِ كَانُوا من أعظم النَّاس تَعْظِيمًا لأبي بكر وَعمر واتباعا لَهما وَإِنَّمَا ينْقل عَن بَعضهم التعنت على عُثْمَان لَا على أبي بكر وَعمر وَسَيَأْتِي الْكَلَام على مَا جرى لعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَفِي خلَافَة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان لم يكن أحد يُسمى من الشِّيعَة وَلَا تُضَاف الشِّيعَة إِلَى أحد لَا عُثْمَان وَلَا غَيرهمَا فَلَمَّا قتل عُثْمَان تفرق الْمُسلمُونَ فَمَال قوم إِلَى عُثْمَان وَمَال قوم إِلَى عَليّ واقتتلت الطائفتان وَقتل حِينَئِذٍ شيعَة عُثْمَان شيعَة عَليّ
وَفِي صَحِيح مُسلم عَن سعد بن هِشَام أَنه أَرَادَ أَن يَغْزُو فِي سَبِيل الله وَقدم الْمَدِينَة فَأَرَادَ أَن يَبِيع عقارا لَهُ بهَا فَيَجْعَلهُ فِي السِّلَاح والكراع ويجاهد الرّوم حَتَّى يَمُوت فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة لَقِي أُنَاسًا من أهل الْمَدِينَة فنهوه عَن ذَلِك وَأَخْبرُوهُ أَن رهطا سِتَّة أَرَادوا ذَلِك فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنهاهم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ
أَلَيْسَ لكم بِي أُسْوَة فَلَمَّا حدثوه بذلك رَاجع امْرَأَته وَقد كَانَ طَلقهَا وَأشْهد على رَجعتهَا فَأتى ابْن عَبَّاس وَسَأَلَهُ عَن وتر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس أَلا أدلك على أعلم أهل الأَرْض بِوتْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَأْتِهَا فاسألها ثمَّ ائْتِنِي فَأَخْبرنِي بردهَا عَلَيْك قَالَ فَانْطَلَقت إِلَيْهَا فَأتيت على حَكِيم بن أَفْلح فاستلحقته إِلَيْهَا فَقَالَ مَا أَنا بقاربها لِأَنِّي نهيتها أَن تَقول فِي هَاتين الشيعتين شَيْئا فَأَبت فيهمَا إِلَّا مضيا قَالَ فأقسمت عَلَيْهِ فجَاء فَانْطَلَقْنَا إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَذكر الحَدِيث