قَوْله {من يستمع إِلَيْك} من مُبْتَدأ وَمَا قبله خَبره وَهُوَ وَمِنْهُم ووحد يستمع لِأَنَّهُ حمله على لفظ من وَلَو جمع فِي الْكَلَام على الْمَعْنى لحسن كَمَا قَالَ فِي يُونُس وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك
قَوْله {وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا ونكون} من رفع الْفِعْلَيْنِ عطفهما على نرد وَجعله كُله مِمَّا تمناه الْكفَّار يَوْم الْقِيَامَة تمنوا ثَلَاثَة أَشْيَاء أَن يردوا وتمنوا أَن لَا يَكُونُوا قد كذبُوا بآيَات الله فِي الدُّنْيَا وتمنوا أَن يَكُونُوا من الْمُؤمنِينَ وَيجوز أَن يرفع نكذب ونكون على الْقطع فَلَا يدخلَانِ فِي التَّمَنِّي وَتَقْدِيره يَا ليتنا نرد وَنحن لَا نكذب وَنحن نَكُون من الْمُؤمنِينَ رددنا أَو لم نرد كَمَا حكى سِيبَوَيْهٍ دَعْنِي وَلَا أَعُود أَي وَأَنا لَا أَعُود تَرَكتنِي أَو لم تتركني وَلم يسْأَل أَن يجمع لَهُ التّرْك وَالْعود وَيُؤَيّد الرّفْع على الْقطع على الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا قَوْله وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ فَدلَّ تكذيبهم أَنهم إِنَّمَا أخبروا عَن أنفسهم بذلك وَلم يَتَمَنَّوْهُ لِأَن التَّمَنِّي لَا يَقع جَوَابه التَّكْذِيب إِنَّمَا يكون التَّكْذِيب فِي الْخَبَر وَقَالَ بعض أهل النّظر الْكَذِب لَا يجوز وُقُوعه فِي الْآخِرَة إِنَّمَا يجوز فِي الدُّنْيَا وَتَأَول قَوْله تَعَالَى وانهم لَكَاذِبُونَ أَي كاذبون فِي الدُّنْيَا فِي تكذيبهم الرُّسُل وإنكارهم الْبَعْث فَيكون ذَلِك حِكَايَة للْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا وَقد أجَاز أَبُو عَمْرو وَغَيره وُقُوع التَّكْذِيب لَهُم فِي الْآخِرَة لأَنهم ادعوا أَنهم لَو ردوا لم يكذبوا بآيَات الله وَأَنَّهُمْ يُؤمنُونَ