مَانِعا (وتسويفاً مؤيساً) هُوَ قَول الرجل سَوف أفعل فَلَا يعْمل إِلَى أَن يَأْتِيهِ أَجله فييأس من ذَلِك وَفِيه ندب الْمُبَادرَة بِالْأَعْمَالِ والأمور المهمة حذرا من الْفَوْت وَحُصُول النَّدَم كَمَا قيل
(أَصبَحت تنفخ فِي رمادك بَعْدَمَا ... ضيعت حظك من وقود النَّار)
وَقَالَ بَعضهم
(الْمَرْء تَلقاهُ مضياعاً لفرصته ... حَتَّى إِذا فَاتَ أَمر عَاتب القدرا)
(هَب عَن أبي أُمَامَة)
(بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا) أَي انكمشوا بِالْعَمَلِ الصَّالح قبل وُقُوعهَا (طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا) فَإِنَّهَا إِذا طلعت مِنْهُ لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل (وَالدُّخَان) بِالتَّخْفِيفِ أَي ظُهُوره (ودابة الأَرْض والدجال) أَي خروجهما (وَخُوَيصة أحدكُم) تَصْغِير خَاصَّة بِسُكُون الْيَاء لِأَن يَاء التصغير لَا تكون إِلَّا سَاكِنة وَالْمرَاد حَادِثَة الْمَوْت الَّتِي تخص الْإِنْسَان (وَأمر الْعَامَّة) الْقِيَامَة لِأَنَّهَا تعم الْخَلَائق أَو الْفِتْنَة الَّتِي تعمي وتصمّ (حم م عَن أبي هُرَيْرَة
(بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا) من أَشْرَاط السَّاعَة (إِمَارَة السُّفَهَاء) بِكَسْر الْهمزَة أَي ولايتهم على الرّقاب (وَكَثْرَة الشَّرْط) بِضَم فَسُكُون أَو فَفتح أعوان الْوُلَاة وَالْمرَاد كثرتهم بِأَبْوَاب الْأُمَرَاء فيتكثر الظُّلم (وَبيع الحكم) بِأخذ الرِّشْوَة عَلَيْهِ (واستخفافاً بِالدَّمِ) أَي بِحقِّهِ بِأَن لَا يقْتَصّ من الْقَاتِل (وَقَطِيعَة الرَّحِم) أَي الْقَرَابَة بإيذاء أَو هجر وَنَحْو ذَلِك (ونشوا يتخذون الْقُرْآن) أَي قِرَاءَته (مَزَامِير) أَي يتغنون بِهِ ويتمشدقون ويأتون بِهِ بنغمات مطربة (يقدّمون) يَعْنِي النَّاس الَّذين هم أهل ذَلِك الزَّمَان (أحدهم لِيُغنيَهُمْ) بِالْقُرْآنِ بِحَيْثُ يخرجُون الْحُرُوف عَن موضوعها وَيزِيدُونَ وينقصون لأجل الألحان (وَإِن كَانَ) أَي المقدّم (أقلهم فقهاً) لِأَن غرضهم تلذذ الأسماع بِتِلْكَ الألحان والأوضاع (طب عَن عَابس) بِعَين مُهْملَة وموحدة مَكْسُورَة ثمَّ مُهْملَة ابْن العبس (الْغِفَارِيّ) بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة مخففاً نزيل الْكُوفَة
(بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سبعا) أَي سابقوا وُقُوع الْفِتَن بالاشتغال بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة واهتموا بهَا قبل حلولها (مَا) فِي رِوَايَة هَل (ينتظرون) بمثناة تحتية بِخَط الْمُؤلف (إِلَّا فقرا منسياً) بِفَتْح أَوله أَي نسيتموه ثمَّ يأتيكم فَجْأَة (أَو غنى مطغياً) أَي موقعاً فِي الطغيان (أَو مَرضا مُفْسِدا) للمزاج مشغلاً للحواس (أَو هرماً مفنداً) أَي موقعاً فِي الْكَلَام المحرّف عَن سنَن الصِّحَّة من الخرف والهذيان (أَو موتا مجهزاً) بجيم وزاي آخِره أَي سَرِيعا يَعْنِي فَجْأَة (أَو الدَّجَّال) أَي خُرُوجه (فَإِنَّهُ شَرّ منتظر) بل هُوَ أعظم الشرور المنتظرة كَمَا يَأْتِي فِي خبر (أَو السَّاعَة والساعة أدهى وَأمر) وَالْقَصْد الْحَث على البدار بِالْعَمَلِ الصَّالح قبل حُلُول شَيْء من ذَلِك وَأخذ مِنْهُ ندب تَعْجِيل الْحَج (ت ك عَن أبي هُرَيْرَة) // (وَصَححهُ وأقروه) //
(باكروا بِالصَّدَقَةِ) سارعوا بهَا (فَإِن الْبلَاء لَا يتخطاها) تَعْلِيل لِلْأَمْرِ بالتبكير وَهُوَ تَمْثِيل جعلت الصَّدَقَة وَالْبَلَاء كفرسي رهان فَأَيّهمَا سبق لم يلْحقهُ الآخر وَلم يتخطه (طس عَن عَليّ هَب عَن أنس) بِإِسْنَاد // (ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ) //
(باكروا فِي طلب الرزق والحوائج) أَي اطلبوهما فِي أول النَّهَار
(فَإِن الغدو بركَة ونجاح) أَي هُوَ مَظَنَّة الظفر بِقَضَاء الْحَوَائِج واستدرار الرزق وَذَلِكَ لِأَن حَالَة الإقبال حَالَة ابْتِدَاء وَتمكن وَحَالَة الإدبار حَالَة انْتِهَاء وَزَوَال وَلِهَذَا قَالَ الْحُكَمَاء ان السَّعْي فِي الْحَاجة قبل الزَّوَال أنجح مِنْهُ بعده وكرهوا الْحَرَكَة أَوَاخِر النَّهَار قَالَ الشَّاعِر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute