منفعتهما فالمنفعة مَعْدُومَة والمعدوم لَا يكون محلا للتَّمْلِيك وَاللَّفْظ مَتى صَار مجَازًا عَن غَيره يَجْعَل كَأَنَّهُ وجد التَّصْرِيح بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ مجَاز عَنهُ
وَلَو قَالَ أجرتك مَنَافِع هَذِه الدَّار لَا يَصح أَيْضا وَإِنَّمَا يَصح إِذا قَالَ أجرتك الدَّار بِاعْتِبَار إِقَامَة الْعين الْمُضَاف إِلَيْهِ العقد مقَام الْمَنْفَعَة وَلَفظ البيع مَتى أضيف إِلَى الْعين كَانَ عَاملا فِي حَقِيقَته حَتَّى لَو قَالَ الْحر لغيره بِعْتُك نَفسِي شهرا بِعشْرَة يجوز ذَلِك على وَجه الِاسْتِعَارَة عَن الْإِجَارَة لِأَن عين الْحر لَيْسَ بِمحل لما وضع لَهُ البيع حَقِيقَة وَأهل الْمَدِينَة يسمون الْإِجَارَة بيعا فَتجوز هَهُنَا الِاسْتِعَارَة للاتصال من حَيْثُ السَّبَبِيَّة وَأما قَوْله أعتق عَبدك عني فَمن يَقُول إِن ذَلِك مجَاز عَن الشِّرَاء فقد أَخطَأ خطأ فَاحِشا وَكَيف يكون ذَلِك مجَازًا عَنهُ وَهُوَ عَامل بحقيقته وَاللَّفْظ مَتى صَار مجَازًا عَن غَيره يسْقط اعْتِبَار حَقِيقَته وَفِي الْموضع الَّذِي لَا يثبت حَقِيقَة الْعتْق بِأَن يكون الْقَائِل صَبيا أَو عبدا مَأْذُونا لَا يثبت الشِّرَاء فَعرفنَا أَن ثُبُوت الشِّرَاء هُنَاكَ بطرِيق الِاقْتِضَاء للْحَاجة إِلَى تَحْصِيل الْمَقْصُود الَّذِي صرحنا بِهِ وَهُوَ الْإِعْتَاق عَنهُ فَإِن من شَرطه ثُبُوت الْملك لَهُ فِي الْمحل والمقتضى لَيْسَ من الْمجَاز فِي شَيْء وَكَذَلِكَ شِرَاء الْقَرِيب عندنَا لَيْسَ بِإِعْتَاق مجَازًا وَكَيف يكون ذَلِك وَهُوَ عَامل بحقيقته وَهُوَ ثُبُوت الْملك بِهِ وَلَا يجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي مَحل وَاحِد بل بطرِيق أَن الشِّرَاء مُوجب ملك الرَّقَبَة وَملك الرَّقَبَة متمم عِلّة الْعتْق فِي هَذَا الْمحل فَيصير الحكم وَهُوَ الْعتْق مُضَافا إِلَى السَّبَب الْمُوجب لما تتمّ بِهِ الْعلَّة بطرِيق أَنه بِمَنْزِلَة عِلّة الْعلَّة فَأَما أَن يكون بطرِيق الْمجَاز فَلَا
وَمن أَحْكَام هَذَا الْفَصْل أَن اللَّفْظ مَتى كَانَ لَهُ حَقِيقَة مستعملة ومجاز مُتَعَارَف فعلى قَول أبي حنيفَة مطلقه يتَنَاوَل الْحَقِيقَة المستعملة دون الْمجَاز وعَلى قَوْلهمَا مطلقه يتناولهما بِاعْتِبَار عُمُوم الْمجَاز
وَبَيَانه فِيمَا قُلْنَا إِذا حلف لَا يشرب من الْفُرَات أَو لَا يَأْكُل من هَذِه الْحِنْطَة وَهَذَا فِي الْحَقِيقَة يبتني على أصل وَهُوَ أَن الْمجَاز عِنْدهمَا خلف عَن الْحَقِيقَة فِي إِيجَاب الحكم فَهُوَ الْمَقْصُود لَا نفس الْعبارَة وَبِاعْتِبَار الحكم يتَرَجَّح عُمُوم الْمجَاز على الْحَقِيقَة فَإِن الحكم بِهِ يثبت فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَعند أبي حنيفَة الْمجَاز خلف عَن الْحَقِيقَة فِي التَّكَلُّم بِهِ لَا فِي الحكم لِأَنَّهُ تصرف من الْمُتَكَلّم فِي عِبَارَته من حَيْثُ إِنَّه يَجْعَل عِبَارَته قَائِمَة مقَام عبارَة ثمَّ الحكم يثبت بِهِ أصلا بطرِيق أَنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute