يَجْعَل كالمتكلم بِمَا كَانَ الْمجَاز عبارَة عَنهُ لَا أَنه خلف عَن الحكم وَإِذا كَانَ الْمجَاز خلفا فِي التَّكَلُّم لَا يثبت الْمُزَاحمَة بَين الأَصْل وَالْخلف فَيجْعَل اللَّفْظ عَاملا فِي حَقِيقَته عِنْد الْإِمْكَان وَإِنَّمَا يُصَار إِلَى إعماله بطرِيق الْمجَاز فِي الْموضع الَّذِي يتَعَذَّر إعماله فِي حَقِيقَته
وعَلى هَذَا الأَصْل قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ إِذا قَالَ لعَبْدِهِ وَهُوَ أكبر سنا مِنْهُ هَذَا ابْني يعْتق عَلَيْهِ وعَلى قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله لَا يعْتق لِأَن صَرِيح كَلَامه محَال وَالْمجَاز عِنْدهمَا خلف عَن الْحَقِيقَة فِي إِيجَاب الحكم فَفِي كل مَوضِع يصلح أَن يكون السَّبَب منعقدا لإِيجَاب الحكم الْأَصْلِيّ يصلح أَن يكون منعقدا لإِيجَاب مَا هُوَ خلف عَن الأَصْل وَفِي كل مَوضِع لَا يُوجد فِي السَّبَب صَلَاحِية الِانْعِقَاد للْحكم الْأَصْلِيّ لَا ينْعَقد مُوجبا لما هُوَ خلف عَنهُ فَإِن قَوْله لامس السَّمَاء يصلح منعقدا لإِيجَاب مَا هُوَ الأَصْل وَهُوَ الْبر من حَيْثُ إِن السَّمَاء غير ممسوسة فيصلح أَن يكون منعقدا لإِيجَاب الْخلف عَنهُ وَهُوَ الْكَفَّارَة وَالْيَمِين الْغمُوس لَا تصلح سَببا لإِيجَاب مَا هُوَ الأَصْل وَهُوَ الْبر فَلَا يكون مُوجبا لما هُوَ خلف عَنهُ وَهُوَ الْكَفَّارَة فَهُنَا أَيْضا هَذَا اللَّفْظ فِي مَعْرُوف النّسَب الَّذِي يُولد مثله لمثله يصلح سَببا لإِيجَاب مَا هُوَ الأَصْل وَهُوَ ثُبُوت النّسَب إِلَّا أَنه امْتنع إعماله (للْحكم) لثُبُوت نسبه من الْغَيْر فَيكون مُوجبا لما هُوَ خلف عَنهُ وَهُوَ الْعتْق وفيمن هُوَ أكبر سنا مِنْهُ لَا يصلح سَببا لإِيجَاب مَا هُوَ الأَصْل فَلَا يكون مُوجبا لما هُوَ خلف عَنهُ وَلِهَذَا لَا تصير أم الْغُلَام أم الْوَلَد لَهُ هُنَا وَفِي مَعْرُوف النّسَب تصير أم ولد لَهُ على مَا نَص فِي كتاب الدَّعْوَى وعَلى هَذَا جعلنَا بيع الْحرَّة نِكَاحا لِأَن هُنَاكَ الْمَانِع من الحكم الَّذِي هُوَ أصل فِي هَذَا الْمحل شَرْعِي وَهُوَ تَأَكد الْحُرِّيَّة على وَجه لَا يحْتَمل الْإِبْطَال لَا بِاعْتِبَار أَن السَّبَب لَيْسَ بِصَالح لإِثْبَات الحكم الْأَصْلِيّ بِهِ فِي هَذَا الْمحل فَيكون منعقدا لإِثْبَات مَا هُوَ خلف عَنهُ وَهُوَ ملك الْمُتْعَة وَلَكِن أَبُو حنيفَة يَقُول الْمجَاز خلف عَن الْحَقِيقَة فِي التَّكَلُّم لَا فِي الحكم كَمَا قَررنَا فَالشَّرْط فِيهِ أَن يكون الْكَلَام صَالحا وصلاحيته بِكَوْنِهِ مُبْتَدأ وخبرا بِصِيغَة الْإِيجَاب وَهُوَ مَوْجُود هُنَا فَيكون عَاملا فِي إِيجَاب الحكم الَّذِي يقبله هَذَا الْمحل بطرِيق الْمجَاز على معنى أَنه سَبَب للتحرير فَإِن من ملك وَلَده يعْتق عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute