للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدلَالَة النَّص كَمَا فِي الضَّرْب مَعَ التأفيف

وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله يَقُول الْمُعْتَبر فِي بَاب الْعُقُوبَات صفة الْكَمَال فِي السَّبَب لما فِي النُّقْصَان من شُبْهَة الْعَدَم والكمال فِي نقض البنية بِمَا يكون عَاملا فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن جَمِيعًا فاعتبار مُجَرّد عدم احْتِمَال البنية إِيَّاه مَعَ صفة السَّلامَة ظَاهرا لتعدية الحكم غير مُسْتَقِيم فِيمَا يندرىء بِالشُّبُهَاتِ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيم ذَلِك فِيمَا يثبت بِالشُّبُهَاتِ كالدية وَالْكَفَّارَة فَأَما مَا يندرىء بِالشُّبُهَاتِ وَيعْتَبر فِيهِ الْمُمَاثلَة فِي الِاسْتِيفَاء بِالنَّصِّ لَا بُد من اعْتِبَار صفة الْكَمَال فِيهِ وَدَلِيل النُّقْصَان حكم الذَّكَاة فَإِنَّهُ يخْتَص بِمَا ينْقض البنية ظَاهرا وَبَاطنا وَلَا يعْتَبر فِيهِ مُجَرّد عدم احْتِمَال البنية إِيَّاه وَمَا قَالَه إِن الْجرْح وَسِيلَة كَلَام لَا معنى لَهُ فإننا لَا نعني بِفعل الْقَتْل الْجِنَايَة على الْجِسْم وَلَا على الرّوح إِذْ لَا تتَصَوَّر بِالْجِنَايَةِ على الرّوح من الْعباد والجسم تبع وَالْمَقْصُود هُوَ النَّفس الَّذِي هُوَ عبارَة عَن الطبائع فالجناية عَلَيْهَا إِنَّمَا تتمّ بإراقة الدَّم وَذَلِكَ بِعَمَل يكون جارحا مؤثرا فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن جَمِيعًا وَلِهَذَا كَانَ الغرز بالإبرة مُوجبا للْقصَاص لِأَنَّهُ مسيل للدم مُؤثر فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن إِلَّا أَنه لَا يكون مُوجبا الْحل فِي الذَّكَاة لِأَن الْمُعْتَبر هُنَا تسييل جَمِيع الدَّم المسفوح ليتميز بِهِ الطَّاهِر من النَّجس وَلِهَذَا اخْتصَّ بِقطع الْحُلْقُوم والأوداج عِنْد التيسر وَلم يثبت حكم الْحل بالنَّار أَيْضا لِأَنَّهَا تُؤثر فِي الظَّاهِر حسما فَلَا يتَمَيَّز بِهِ الطَّاهِر من النَّجس بل يمْتَنع بِهِ من سيلان الدَّم

وَمن ذَلِك أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لما أوجب الْكَفَّارَة على الْأَعرَابِي بِجِنَايَتِهِ الْمَعْلُومَة بِالنَّصِّ لُغَة أَوجَبْنَا على الْمَرْأَة أَيْضا مثل ذَلِك بِدلَالَة النَّص لَا بِالْقِيَاسِ فَإِن الْأَعرَابِي سَأَلَ عَن جِنَايَته بقوله هَلَكت وأهلكت

وَقد علمنَا أَنه لم يرد الْجِنَايَة على الْبضْع لِأَن فعل الْجِمَاع حصل مِنْهُ فِي مَحل مَمْلُوك لَهُ فَلَا يكون جِنَايَة لعَينه أَلا ترى أَنه لَو كَانَ نَاسِيا لصومه لم يكن ذَلِك مِنْهُ جِنَايَة أصلا فَعرفنَا أَن جِنَايَته كَانَ على الصَّوْم بِاعْتِبَار تَفْوِيت رُكْنه الَّذِي يتَأَدَّى بِهِ وَقد علم أَن ركن الصَّوْم الْكَفّ

<<  <  ج: ص:  >  >>