نَحن الْأَدَاء إِنَّمَا يجب بِالطَّلَبِ أَلا ترى أَن الرّيح إِذا هبت بِثَوْب إِنْسَان وألقته فِي حجر غَيره فالثوب ملك لصَاحبه وَلَا يجب على من فِي حجره أَدَاؤُهُ إِلَيْهِ قبل طلبه لِأَن حُصُوله فِي حجره كَانَ بِغَيْر صنعه فَكَذَلِك هَهُنَا الْوُجُوب تسببه كَانَ جبرا إِذْ لَا صنع للْعَبد فِيهِ فَإِنَّمَا يلْزمه أَدَاء الْوُجُوب عِنْد طلب من لَهُ الْحق وَقد خَيره من لَهُ الْحق فِي الْأَدَاء مَا لم يتضيق الْوَقْت يقرره أَن وجوب الْأَدَاء لَا يتَّصل بِثُبُوت حكم الْوُجُوب لَا محَالة فَإِن البيع بِثمن مُؤَجل يُوجب الثّمن فِي الْحَال إِذْ لَو كَانَ وجوب الثّمن مُتَأَخِّرًا إِلَى مُضِيّ الْأَجَل لم يَصح البيع ثمَّ وجوب الْأَدَاء يكون مُتَأَخِّرًا إِلَى حُلُول الْأَجَل فههنا أَيْضا وجوب الْأَدَاء يتَأَخَّر إِلَى توجه الْمُطَالبَة وَذَلِكَ بِاعْتِبَار استطاعة تكون مَعَ الْفِعْل فَقبل فعل الْأَدَاء لم تثبت الْمُطَالبَة على وَجه يَنْقَطِع بِهِ الْخِيَار وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن النَّائِم والمغمى عَلَيْهِ فِي جَمِيع الْوَقْت يثبت حكم الْوُجُوب فِي حَقّهمَا ثمَّ الْخطاب بِالْأَدَاءِ يتَأَخَّر إِلَى مَا بعد الانتباه والإفاقة
وَالْحَاصِل أَنه يتَعَيَّن للسَّبَبِيَّة الْجُزْء الَّذِي يتَّصل بِهِ الْأَدَاء من الْوَقْت فَإِن اتَّصل بالجزء الأول كَانَ هُوَ السَّبَب وَإِلَّا تنْتَقل السَّبَبِيَّة إِلَى آخر الْجُزْء الثَّانِي ثمَّ إِلَى الثَّالِث هَكَذَا لمعنيين أَحدهمَا أَن فِي الْمُجَاوزَة عَن الْجُزْء الَّذِي يتَّصل بِهِ الْأَدَاء فِي جعله سَببا لَا ضَرُورَة وَلَيْسَ بَين الْأَدْنَى وَالْكل مِقْدَار يُمكن الرُّجُوع إِلَيْهِ وَالثَّانِي أَنه إِذا لم يتَّصل الْأَدَاء بالجزء الَّذِي تتَعَيَّن بِهِ السَّبَبِيَّة يكون تفويتا كَمَا إِذا لم يتَّصل الْأَدَاء بالجزء الْأَخير من الْوَقْت يكون تفويتا حَتَّى يصير دينا فِي الذِّمَّة وَلَا وَجه لجعله مفوتا مَا بَقِي الْوَقْت لِأَن الشَّرْع خَيره فِي الْأَدَاء فَعرفنَا أَن هَذَا الْمَعْنى تَخْيِير لَهُ فِي نقل السَّبَبِيَّة من جُزْء إِلَى جُزْء مَا بَقِي الْوَقْت وَاسِعًا يبْقى هَذَا الْخِيَار لَهُ فَلَا يكون مفرطا وَلِهَذَا لَا يلْزمه شَيْء إِذا مَاتَ وَلَا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة لِأَن الِانْتِقَال يتَحَقَّق فِي حَقّهَا لبَقَاء خِيَارهَا والجزء الَّذِي تُدْرِكهُ من الْوَقْت بعد الْحيض لَا يُوجب عَلَيْهَا الصَّلَاة والجزء الَّذِي يُدْرِكهُ الْمُسَافِر بَعْدَمَا صَار مُسَافِرًا لَا يُوجب عَلَيْهِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute