ثمَّ قَالَ زفر رَحمَه الله إِذا تضيق الْوَقْت على وَجه لَا يفصل عَن الْأَدَاء تتَعَيَّن السَّبَبِيَّة فِي ذَلِك الْجُزْء أَلا ترى أَنه يَنْقَطِع خِيَاره وَلَا يَسعهُ التَّأْخِير بعد ذَلِك فَلَا يتَغَيَّر بِمَا يعْتَرض بعد ذَلِك من سفر أَو مرض وَقُلْنَا نَحن إِنَّمَا لَا يَسعهُ التَّأْخِير كي لَا يفوت شَرط الْأَدَاء وَهُوَ الْوَقْت على مَا بَينا أَن الْوَقْت ظرف للْأَدَاء وَمَا بعده من آخر الْوَقْت صَالح لانتقال السَّبَبِيَّة إِلَيْهِ فَيحصل الِانْتِقَال بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا إِلَى آخر جُزْء من أَجزَاء الْوَقْت فتتعين السَّبَبِيَّة فِيهِ ضَرُورَة إِذا لم يبْق بعده مَا يحْتَمل انْتِقَال السَّبَبِيَّة إِلَيْهِ فَيتَحَقَّق التفويت بمضيه وَيعْتَبر صفة ذَلِك الْجُزْء وحاله عِنْد ذَلِك الْجُزْء حَتَّى إِذا كَانَت حَائِضًا لَا يلْزمهَا الْقَضَاء وَإِذا طهرت عَن الْحيض عِنْد ذَلِك الْجُزْء وأيامها عشرَة تلزمها الصَّلَاة نَص عَلَيْهِ فِي نَوَادِر أبي سُلَيْمَان فَإِذا أسلم الْكَافِر أَو أدْرك الصَّبِي عِنْد ذَلِك الْجُزْء يلْزمهُمَا الصَّلَاة وَإِذا كَانَ مُسَافِرًا عِنْد ذَلِك الْجُزْء يلْزمه صَلَاة السّفر وَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّه إِذا طلعت الشَّمْس وَهُوَ فِي خلال الْفجْر يفْسد الْفَرْض لِأَن الْجُزْء الَّذِي يتَّصل بِهِ طُلُوع الشَّمْس من الْوَقْت سَبَب صَحِيح تَامّ فَثَبت الْوُجُوب بِصفة الْكَمَال فَلَا يتَأَدَّى فِي الْأَدَاء مَعَ النُّقْصَان بِخِلَاف مَا إِذا غربت الشَّمْس وَهُوَ فِي خلال صَلَاة الْعَصْر فَإِن الْجُزْء الَّذِي يتَّصل بِهِ الْغُرُوب من الْوَقْت فِي الْمَعْنى سَبَب فَاسد للنَّهْي الْوَارِد عَن الصَّلَاة بعد مَا تحمر الشَّمْس فَيثبت الْوُجُوب مَعَ النُّقْصَان بِحَسب السَّبَب وَقد وجد الْأَدَاء بِتِلْكَ الصّفة وَلَا يدْخل على هَذَا مَا إِذا انْعَدم مِنْهُ الْأَدَاء أصلا ثمَّ أدّى فِي الْيَوْم الثَّانِي بَعْدَمَا احْمَرَّتْ الشَّمْس فَإِنَّهُ لَا يجوز لِأَنَّهُ إِذا لم يشْتَغل بِالْأَدَاءِ حَتَّى مُضِيّ الْوَقْت فَحكم السَّبَبِيَّة يكون مُضَافا إِلَى جَمِيع الْوَقْت وَهُوَ سَبَب صَحِيح تَامّ وَإِنَّمَا يتَأَدَّى بِصفة النُّقْصَان عِنْد ضعف السَّبَب إِذا لم يصر دينا فِي الذِّمَّة واشتغاله بِالْأَدَاءِ يمْنَع صَيْرُورَته دينا فِي ذمَّته فَأَما إِذا لم يشْتَغل بِالْأَدَاءِ حَتَّى تحقق التفويت بِمُضِيِّ الْوَقْت صَار دينا فِي ذمَّته فَيثبت بِصفة الْكَمَال وَهَذَا هُوَ الِانْفِصَال عَن الْإِشْكَال الَّذِي يُقَال على هَذَا وَهُوَ مَا إِذا أسلم الْكَافِر بَعْدَمَا احْمَرَّتْ الشَّمْس وَلم يصل ثمَّ أَدَّاهَا فِي الْيَوْم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute