مضموما إِلَى الْقَذْف ليتَحَقَّق بهما السَّبَب الْمُوجب للعقوبة وَاو الْعَطف وَجَعَلنَا الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُولَئِكَ} للنظم كَمَا هُوَ مُقْتَضى صِيغَة الْكَلَام
وَالشَّافِعِيّ ترك الْعَمَل بِحرف ثمَّ وَجعل نفس الْقَذْف مُوجبا للحد وَجعل الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقبلُوا} للنظم وَفِي قَوْله {وَأُولَئِكَ} للْعَطْف وكل ذَلِك مُخَالف لمقْتَضى صِيغَة الْكَلَام فَكَانَ الصَّحِيح مَا قُلْنَاهُ
وَمن هَذِه الْجُمْلَة حكم الْجمع الْمُضَاف إِلَى جمَاعَة نَحْو قَوْله تَعَالَى {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة} وَقَوله تَعَالَى {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} فَإِن من النَّاس من يَقُول حِكْمَة حَقِيقَة الْجَمَاعَة فِي حق كل وَاحِد مِمَّن أضيف إِلَيْهِم وَزَعَمُوا أَن حَقِيقَة الْكَلَام هَذَا فَإِن الْمُضَاف إِلَى جمَاعَة يكون مُضَافا إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم وَإِذا كَانَت الصِّيغَة الَّتِي بهَا حصلت الْإِضَافَة صِيغَة الْجَمَاعَة وَبهَا يثبت الحكم فِي كل وَاحِد مِنْهُم مَا هُوَ مُقْتَضى هَذِه الصِّيغَة قولا بِحَقِيقَة الْكَلَام أَلا ترى أَن الْإِضَافَة لَو حصلت بِصِيغَة الْفَرد تثبت فِي كل وَاحِد مِنْهُم الحكم الَّذِي هُوَ مُوجب تِلْكَ الصِّيغَة
وَعِنْدنَا هَذَا فَاسد وَهُوَ من جنس القَوْل بالمسكوت وَلَكِن مُقْتَضى هَذِه الصِّيغَة مُقَابلَة الْآحَاد بالآحاد على مَا قَالَ فِي الْجَامِع إِذا قَالَ لامرأتين لَهُ إِذا ولدتما وَلدين فأنتما طالقان فَولدت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا ولدا طلقتا وَكَذَلِكَ إِذا قَالَ إِذا حضتما حيضتين أَو قَالَ إِذا دخلتما هَاتين الدَّاريْنِ فَدخلت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا دَارا فهما طالقان وَلَا يشْتَرط دُخُول كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي الدَّاريْنِ جَمِيعًا وَمَا قُلْنَاهُ هُوَ الْمَعْلُوم من مخاطبات النَّاس فَإِن الرجل يَقُول لبس الْقَوْم ثِيَابهمْ وحلقوا رؤوسهم وركبوا دوابهم وَإِنَّمَا يفهم من ذَلِك أَن كل وَاحِد مِنْهُم لبس ثَوْبه وَركب دَابَّته وَحلق رَأسه وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول الشَّاعِر وَإِنَّا نرى أقدامنا فِي نعَالهمْ وآنفنا بَين اللحى والحواجب وَالْمرَاد مَا قُلْنَا وَكتاب الله يشْهد بِهِ قَالَ تَعَالَى {جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم واستغشوا ثِيَابهمْ} وَالْمرَاد أَن كل وَاحِد مِنْهُم جعل أُصْبُعه فِي أُذُنه لَا فِي آذان الْجَمَاعَة واستغشى ثَوْبه وَقَالَ تَعَالَى {فقد صغت قُلُوبكُمَا} وَالْمرَاد فِي حق كل وَاحِدَة مِنْهُمَا قَلبهَا وَقَالَ تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute