للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْقُدْرَة غير مُشكل فَإِن إِلْقَاء الشّبَه دون إِيجَاد الأَصْل لَا محَالة وَقد الْآيَة وَرَأَتْ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا دحْيَة الْكَلْبِيّ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أخْبرته بذلك قَالَ كَانَ معي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَرَأى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا جِبْرِيل أَيْضا فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ ورأته الصَّحَابَة حِين أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صُورَة أَعْرَابِي ثَائِر الرَّأْس يسْأَله معالم الدّين فَعرفنَا أَن مثل هَذَا غير مستبعد فِي زمن الرُّسُل وَأرى الله تَعَالَى الْمُشْركين فِي أعين الْمُسلمين قَلِيلا يَوْم بدر مَعَ كَثْرَة عَددهمْ لِأَنَّهُ لَو أَرَاهُم كثرتهم وعدتهم لامتنعوا من قِتَالهمْ فَأَرَاهُم بِصفة الْقلَّة حَتَّى رَغِبُوا فِي قِتَالهمْ وقتلوهم كَمَا قَالَ تَعَالَى {ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا} فَعرفنَا أَن مثله غير مستبعد

فَأَما نقل الْمَجُوس مَا نقلوه عَن زرادشت فَذَلِك كُله تخييلات بِمَنْزِلَة فعل المشعوذين أَو لعب النِّسَاء وَالصبيان إِلَّا مَا ينْقل أَنه أَدخل قَوَائِم فرس الْملك كشتاسب فِي بَطْنه ثمَّ أخرجه وَهَذَا إِنَّمَا ينْقل أَنه فعله فِي مجْلِس الْملك بَين يَدي خواصه وَأُولَئِكَ يتَصَوَّر مِنْهُم الِاجْتِمَاع على الْكَذِب فَلَا يثبت (بِهِ) النَّقْل الْمُتَوَاتر كَيفَ وَقد رُوِيَ أَن الْملك لما اختبره وَعلم خبثه ودهاءه وواطأه على أَن يُؤمن بِهِ وَيجْعَل هُوَ أحد أَرْكَان دينه دَعَاهُ النَّاس إِلَى تَعْظِيم الْمُلُوك وتحسين أفعالهم ومراعاة حُقُوقهم فِي كل حق وباطل وَيكون هُوَ من وَرَائه بِالسَّيْفِ يجْبر النَّاس على الدُّخُول فِي دينه وَحَملهمْ على هَذِه المواطأة حَاجتهم إِلَى ذَلِك فَإِنَّهُ لم يكن لذَلِك الْملك بَيت قديم فِي الْملك فَكَانَ النَّاس لَا يعظمونه فاحتالوا بِهَذِهِ الْحِيلَة ثمَّ نقلوا عَنهُ أمورا بعد ذَلِك بَين يَدي الْملك وخاصته وكل ذَلِك كذب لَا أصل لَهُ

فَإِن قيل مثل هَذِه المواطأة لَا تنكتم عَادَة فَكيف انكتم فِي ذَلِك الْوَقْت حَتَّى اتَّفقُوا على الْإِيمَان بِهِ وَكَذَلِكَ من بعدهمْ إِلَى زمَان طَوِيل وَجعلُوا ينقلون ذَلِك نقلا

<<  <  ج: ص:  >  >>