للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمحل واستقراره فِيهِ وَأَن يكون عِلّة للْحكم بِنَفسِهِ وبذكر الشَّرْط يتبدل ذَلِك كُله لِأَنَّهُ يتَبَيَّن بِهِ أَنه لَيْسَ بعلة تَامَّة للْحكم قبل الشَّرْط وَأَنه لَيْسَ بِإِيجَاب لِلْعِتْقِ بل هُوَ يَمِين وَأَن مَحَله الذِّمَّة حَتَّى لَا يصل إِلَى العَبْد إِلَّا بعد خُرُوجه من أَن يكون يَمِينا بِوُجُود الشَّرْط فَعرفنَا أَنه تَبْدِيل

وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاء فَإِن قَوْله لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم مُقْتَضَاهُ وجوب الْعدَد الْمُسَمّى فِي ذمَّته ويتغير ذَلِك بقوله إِلَّا مائَة لَا على طَرِيق أَنه يرْتَفع بعض مَا كَانَ وَاجِبا ليَكُون نسخا فَإِن هَذَا فِي الْإِخْبَار غير مُحْتَمل وَلَكِن على طَرِيق أَنه يصير عبارَة عَمَّا وَرَاء الْمُسْتَثْنى فَيكون إِخْبَارًا عَن وجوب تِسْعمائَة فَقَط فَعرفنَا أَنه تَغْيِير لمقْتَضى صِيغَة الْكَلَام الأول وَلَيْسَ بتبديل إِنَّمَا التبديل أَن يخرج كَلَامه من أَن يكون إِخْبَارًا بِالْوَاجِبِ أصلا فَلهَذَا سميناه بَيَان التَّغْيِير

ثمَّ لَا خلاف بَين الْعلمَاء فِي هذَيْن النَّوْعَيْنِ من الْبَيَان أَنه يَصح مَوْصُولا بالْكلَام وَلَا يَصح مَفْصُولًا مِمَّن لَا يملك النّسخ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي كَيْفيَّة إِعْمَال الِاسْتِثْنَاء وَالشّرط

فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا مُوجب الِاسْتِثْنَاء أَن الْكَلَام بِهِ يصير عبارَة عَمَّا وَرَاء الْمُسْتَثْنى وَأَنه يَنْعَدِم ثُبُوت الحكم فِي الْمُسْتَثْنى لِانْعِدَامِ الدَّلِيل الْمُوجب لَهُ مَعَ صُورَة التَّكَلُّم بِهِ بِمَنْزِلَة الْغَايَة فِيمَا يقبل التَّوْقِيت فَإِنَّهُ يَنْعَدِم الحكم فِيمَا وَرَاء الْغَايَة لِانْعِدَامِ الدَّلِيل الْمُوجب لَهُ لَا لِأَن الْغَايَة توجب نفي الحكم فِيمَا وَرَاءه

وعَلى قَول الشَّافِعِي الحكم لَا يثبت فِي الْمُسْتَثْنى لوُجُود الْمعَارض كَمَا أَن دَلِيل الْخُصُوص يمْنَع ثُبُوت حكم الْعَام فِيمَا يتَنَاوَلهُ دَلِيل الْخُصُوص لوُجُود الْمعَارض

وَكَذَلِكَ الشَّرْط عندنَا فَإِنَّهُ يمْنَع ثُبُوت الحكم فِي الْمحل لِانْعِدَامِ الْعلَّة الْمُوجبَة لَهُ حكما مَعَ صُورَة التَّكَلُّم بِهِ لَا لِأَن الشَّرْط مَانع من وجود الْعلَّة وعَلى قَوْله الشَّرْط مَانع للْحكم مَعَ وجود علته

وَالْكَلَام فِي فصل الشَّرْط قد تقدم بَيَانه إِنَّمَا الْكَلَام هُنَا فِي الِاسْتِثْنَاء فَإِنَّهُم احْتَجُّوا بِاتِّفَاق أهل اللِّسَان أَن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات وَمن الْإِثْبَات نفي فَهَذَا تنصيص على أَن الِاسْتِثْنَاء مُوجب مَا هُوَ ضد مُوجب أصل الْكَلَام على وَجه الْمُعَارضَة لَهُ فِي الْمُسْتَثْنى وَعَلِيهِ دلّ قَوْله تَعَالَى {قَالُوا إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم مجرمين إِلَّا آل لوط إِنَّا لمنجوهم أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَته}

<<  <  ج: ص:  >  >>