وَبعد النّسخ لَا يكون هُوَ محققا مَا أَمر بِهِ وَلَكنَّا نقُول الشَّاة كَانَت فدَاء كَمَا نَص الله عَلَيْهِ فِي قَوْله {وفديناه بِذبح عَظِيم} على معنى أَنه يقدم على الْوَلَد فِي قبُول حكم الْوُجُوب بعد أَن كَانَ الْإِيجَاب بِالْأَمر مُضَافا إِلَى الْوَلَد حَقِيقَة كمن يَرْمِي سَهْما إِلَى غَيره فيفديه آخر بِنَفسِهِ بِأَن يتَقَدَّم عَلَيْهِ حَتَّى ينفذ فِيهِ بعد أَن يكون خُرُوج السهْم من الرَّامِي إِلَى الْمحل الَّذِي قَصده وَإِذا كَانَ فدَاء من هَذَا الْوَجْه كَانَ هُوَ ممتثلا للْحكم الثَّابِت بِالْأَمر فَلَا يَسْتَقِيم القَوْل بالنسخ فِيهِ لِأَن ذَلِك يبتنى على النَّهْي الَّذِي هُوَ ضد الْأَمر فَلَا يتَصَوَّر اجْتِمَاعهمَا فِي وَقت وَاحِد
فَإِن قيل فإيش الْحِكْمَة فِي إِضَافَة الْإِيجَاب إِلَى الْوَلَد إِذا لم يجب بِهِ ذبح الْوَلَد قُلْنَا فِيهِ تَحْقِيق معنى الِابْتِلَاء فِي حق الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى يظْهر مِنْهُ الانقياد والاستسلام وَالصَّبْر على مَا بِهِ من حرقة الْقلب على وَلَده وَفِي حق الْوَلَد بِالصبرِ والمجاهدة على معرة الذّبْح إِلَى حَال المكاشفة
لرب الْعَالمين وللولد بِأَن يكون قربانا لله وَإِلَيْهِ أَشَارَ الله تَعَالَى فِي قَوْله {فَلَمَّا أسلما} ثمَّ اسْتَقر حكم الْوُجُوب فِي الشَّاة بطرِيق الْفِدَاء وَفِيه إِظْهَار معنى الْكَرَامَة والفضيلة