للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عني حَدِيث فاعرضوه على كتاب الله فَمَا وَافق كتاب الله فاقبلوه وَمَا خَالف كتاب الله فَردُّوهُ وَمَعَ هَذَا الْبَيَان من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يجوز نسخ الْكتاب بِالسنةِ وَلِأَن مَا قلته أقرب إِلَى صِيَانة رَسُول الله عَن طعن الطاعنين فِيهِ وبالاتفاق يجب الْمصير فِي بَاب بَيَان أَحْكَام الشَّرْع إِلَى طَرِيق يكون أبعد عَن الطعْن فِيهِ

وَبَيَان ذَلِك أَنه إِذا جَازَ مِنْهُ أَن يَقُول مَا هُوَ مُخَالف للمنزل فِي الظَّاهِر على وَجه النّسخ لَهُ فالطاعن يَقُول هُوَ أول قَائِل وَأول عَامل بِخِلَاف مَا يزْعم أَنه أنزل إِلَيْهِ فَكيف يعْتَمد قَوْله فِيهِ وَإِذا ظهر مِنْهُ قَول ثمَّ قَرَأَ مَا هُوَ مُخَالف لما ظهر مِنْهُ من القَوْل فالطاعن يَقُول قد كذبه ربه فِيمَا قَالَ فَكيف نصدقه وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الله تَعَالَى فِي قَوْله {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة وَالله أعلم بِمَا ينزل قَالُوا إِنَّمَا أَنْت مفتر} ثمَّ نفى عَنهُ هَذَا الطعْن بقوله {قل نزله روح الْقُدس من رَبك بِالْحَقِّ} فَفِي هَذَا بَيَان أَنه لَيْسَ فِي نسخ الْكتاب بِالْكتاب تعريضه لِلطَّعْنِ وَفِي نسخ الْكتاب بِالسنةِ تعريضه لِلطَّعْنِ من الْوَجْه الَّذِي قَالَه الطاعنون فَيجب سد هَذَا الْبَاب لعلمنا أَنه مصون عَمَّا يُوهم الطعْن فِيهِ

وَاسْتدلَّ على نفي جَوَاز نسخ (السّنة) بِالْكتاب بقوله {ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبيانا لكل شَيْء} وَالسّنة شَيْء فَيكون الْكتاب تبيانا لحكمه لَا رَافعا لَهُ وَذَلِكَ فِي أَن يكون مؤيدا إِن كَانَ مُوَافقا ومبينا للغلط فِيهَا إِن كَانَ مُخَالفا وَلِهَذَا لَا يجوز إِلَّا عِنْد وُرُوده ليَكُون بَيَانا مَحْضا فَإِن رَسُول الله كَانَ لَا يقر على الْخَطَأ وَالْبَيَان الْمَحْض مَا يكون مُقَارنًا وَلِأَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَمر بِشَيْء وتقرر ذَلِك فقد توجه علينا الْأَمر من الله تَعَالَى بتصديقه فِي ذَلِك واتباعه فَلَا يجوز القَوْل بِأَن ينزل فِي الْقُرْآن بعد ذَلِك مَا يكون مُخَالفا لَهُ حَقِيقَة أَو ظَاهرا فَإِن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى القَوْل بِأَنَّهُ لَا يفترض تَصْدِيقه فِيمَا يخبر بِهِ لجَوَاز أَن ينزل الْقُرْآن بِخِلَافِهِ وَذَلِكَ خلاف النَّص وَخلاف قَول الْمُسلمين أجمع يقرره أَن السّنة نوع حجَّة لإِثْبَات حكم الشَّرْع وَالْكتاب كَذَلِك وحجج الشَّرْع لَا تتناقض وَإِنَّمَا يتأيد وَمَا يسْتَدلّ بِهِ على أَنه من عِنْد غير الله قَالَ تَعَالَى {وَلَو كَانَ من عِنْد} نوع مِنْهَا بِنَوْع

<<  <  ج: ص:  >  >>