للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمن الْأَدَاء الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَة الْقَضَاء حكما أَن يتَزَوَّج امْرَأَة على عبد لغيره بِعَيْنِه ثمَّ يَشْتَرِي ذَلِك العَبْد فيسلمه إِلَيْهَا فَإِن ذَلِك يكون أَدَاء للعين الْمُسْتَحق بِسَبَبِهِ وَهُوَ التَّسْمِيَة فِي العقد وَلِهَذَا لَا يكون لَهَا أَن تمْتَنع من الْقبُول وَهَذَا لِأَن كَون الْمُسَمّى مَمْلُوكا لغير الزَّوْج لَا يمْنَع صِحَة التَّسْمِيَة وَثُبُوت الِاسْتِحْقَاق بهَا على الزَّوْج أَلا ترى أَنه تلْزمهُ الْقيمَة إِذا تعذر تَسْلِيم الْعين وَمَا ذَلِك إِلَّا لاسْتِحْقَاق الأَصْل غير أَن هَذَا أَدَاء هُوَ فِي معنى الْقَضَاء حكما فَإِن مَا اشْتَرَاهُ الزَّوْج قبل أَن يسلم إِلَيْهَا مَمْلُوك لَهُ حَتَّى لَو تصرف فِيهِ بِالْإِعْتَاقِ ينفذ تصرفه وَلَو أَعتَقته الْمَرْأَة قبل التَّسْلِيم إِلَيْهَا لَا ينْفد عتقهَا وَلَو كَانَ أَبَاهَا لم يعْتق عَلَيْهَا فَهَذَا التَّسْلِيم من الزَّوْج أَدَاء مَال من عِنْده مَكَان مَا اسْتحق عَلَيْهِ فَمن هَذَا الْوَجْه يشبه الْقَضَاء

وَلَو قضى القَاضِي لَهَا بِالْقيمَةِ قبل أَن يَتَمَلَّكهُ الزَّوْج ثمَّ تملكه فسلمه إِلَيْهَا لم يكن ذَلِك أَدَاء مُسْتَحقّا بِالتَّسْمِيَةِ وَلَكِن يكون مُبَادلَة بِالْقيمَةِ الَّتِي تقرر حَقّهَا فِيهِ حَتَّى إِنَّهَا إِذا لم ترض بذلك لَا يكون للزَّوْج أَن يجبرها على الْقبُول بِخِلَاف مَا قبل الْقَضَاء لَهَا بِالْقيمَةِ

وَأما الْقَضَاء بِمثل مَعْقُول فبيانه فِي ضَمَان الغصوب والمتلفات فَإِن الْغَاصِب يُؤَدِّي مَالا من عِنْده وَهُوَ مثل لما كَانَ مُسْتَحقّا عَلَيْهِ بِسَبَب الْغَصْب وَهُوَ نَوْعَانِ مثل صُورَة وَمعنى كَمَا فِي الْمكيل وَالْمَوْزُون وَمثل معنى لَا صُورَة وَالْمَقْصُود جبران حق الْمُتْلف عَلَيْهِ وَفِي الْمثل صُورَة وَمعنى هَذَا الْمَقْصُود أتم مِنْهُ فِي الْمثل معنى فَلَا يُصَار إِلَى الْمثل معنى لَا صُورَة إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة كَمَا لَا يُصَار إِلَى الْمثل إِلَّا عِنْد تعذر رد الْعين فَلَو أَرَادَ أَدَاء الْقيمَة مَعَ وجود الْمثل فِي أَيدي النَّاس كَانَ للْمَغْصُوب مِنْهُ أَن يمْتَنع من قبُوله وَإِذا انْقَطع الْمثل من أَيدي النَّاس فَحِينَئِذٍ تتَحَقَّق الضَّرُورَة فِي اعْتِبَار الْمثل فِي معنى الْمَالِيَّة وَسقط اعْتِبَار الْمثل صُورَة لتحَقّق فَوَاته

ثمَّ قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تعْتَبر قِيمَته فِي آخر أَوْقَات وجوده لِأَن الضَّرُورَة تتَحَقَّق عِنْد انْقِطَاعه من أَيدي النَّاس

وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تعْتَبر وَقت الْخُصُومَة لِأَن الْمثل قَائِم بِالذِّمةِ حكما وَأَدَاء الْمثل بصورته موهوم بِأَن يصبر إِلَى أَوَانه فَإِنَّمَا تتَحَقَّق الضَّرُورَة

<<  <  ج: ص:  >  >>