للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْد الْمُطَالبَة وَذَلِكَ وَقت قَضَاء القَاضِي

وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله بالانقطاع يتَحَقَّق الْفَوات وَذَلِكَ غير مُوجب للضَّمَان إِنَّمَا الْمُوجب أصل الْغَصْب فَتعْتَبر قِيمَته وَقت الْغَصْب وَهَذَا لِأَن الْقيمَة خلف عَن رد الْعين وَلِهَذَا كَانَ قَضَاء وَالْخلف إِنَّمَا يكون وَاجِبا بِالسَّبَبِ الَّذِي بِهِ كَانَ الأَصْل وَاجِبا وَفِيمَا لَيْسَ لَهُ مثل صُورَة يجب قِيمَته وَقت الْغَصْب وَيكون ذَلِك قَضَاء بِالْمثلِ معنى لما تعذر اعْتِبَار الْمثل صُورَة حَتَّى إِن فِيمَا يتَعَذَّر اعْتِبَار الْمثل صُورَة وَمعنى بتحقق الْفَوات غير مُوجب شَيْئا سوى الْإِثْم وَذَلِكَ بِأَن يغصب زَوْجَة إِنْسَان أَو وَلَده فَإِن الْأَدَاء مُسْتَحقّ عَلَيْهِ وَلَو مَاتَ فِي يَده لم يضمن شَيْئا لتحَقّق الْفَوات بانعدام الْمثل صُورَة وَمعنى

وعَلى هَذَا الأَصْل قُلْنَا الْمَنَافِع لَا تضمن بِالْمَالِ بطرِيق الْعدوان الْمَحْض لِأَن ضَمَان الْعدوان مُقَدّر بِالْمثلِ نصا وَلَا مماثلة بَين الْعين وَالْمَنْفَعَة صُورَة وَلَا معنى لِأَن من ضَرُورَة كَون الشَّيْء مثلا لغيره أَن يكون ذَلِك الْغَيْر مثلا لَهُ ثمَّ الْعين لَا تضمن بِالْمَنْفَعَةِ بطرِيق الْعدوان قطّ فَعرفنَا أَنه لَا مماثلة بَينهمَا وَكَذَلِكَ الْمَنْفَعَة لَا تضمن بِالْمَنْفَعَةِ فَإِن الْحجر المبنية على تقطيع وَاحِد وتؤاجر بِأُجْرَة وَاحِدَة لَا تكون مَنْفَعَة إِحْدَاهمَا مثلا لمَنْفَعَة الْأُخْرَى فِي ضَمَان الْعدوان مَعَ وجود المشابهة صُورَة وَمعنى فِي الظَّاهِر فَلِأَن لَا يضمن الْمَنْفَعَة بِالْعينِ وَلَا مشابهة بَينهمَا صُورَة وَلَا معنى كَانَ أولى وَانْتِفَاء المشابهة صُورَة لَا يخفى

وَأما الْمَعْنى فَلِأَن الْمَنَافِع أَعْرَاض لَا تبقى وَقْتَيْنِ وَالْعين تبقى وَبَين مَا يبْقى وَبَين مَا لَا يبْقى تفَاوت عَظِيم فِي الْمَعْنى وَبِهَذَا تبين أَنه لَا مَالِيَّة فِي الْمَنْفَعَة حَقِيقَة لِأَن الْمَالِيَّة لَا تسبق الْوُجُود وَبعد الْوُجُود تثبت بالإحراز والتمول وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر فِيمَا لَا يبْقى وَقْتَيْنِ وَبِهَذَا تبين أَيْضا أَن الْإِتْلَاف وَالْغَصْب لَا يتَحَقَّق فِي الْمَنْفَعَة فَإِن الْمَعْدُوم لَيْسَ بِشَيْء فَلَا يتَحَقَّق فِيهِ فعل هُوَ غصب أَو إِتْلَاف وكما يُوجد يتلاشى وَفِي حَال تلاشيه لَا يتَصَوَّر فِيهِ الْغَصْب والإتلاف إِلَّا أَن الشَّرْع فِي حكم العقد جعل الْمَعْدُوم حَقِيقَة من الْمَنْفَعَة كالموجود أَو أَقَامَ الْعين المنتفع بِهِ مقَام الْمَنْفَعَة للْحَاجة إِلَى ذَلِك وَهَذِه الْحَاجة إِنَّمَا تتَحَقَّق فِي العقد فَيثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>