بِالْكَيْلِ لَا بالحبات والحفنات فَإِنَّهُ قَالَ (كَيْلا بكيل) وَكَذَلِكَ فِي عرف التُّجَّار إِنَّمَا يطْلب الْمُسَاوَاة بَين الْحِنْطَة وَالْحِنْطَة بِالْكَيْلِ وَعند الْإِتْلَاف يجب ضَمَان الْمثل بِالنَّصِّ وَيعْتَبر ذَلِك بِالْكَيْلِ فَثَبت بِهَذَا الطَّرِيق أَن الْعلَّة الْمُوجبَة للْحُرْمَة مَا يكون مؤثرا فِي الْمُسَاوَاة حَتَّى يظْهر بعده الْفضل الْخَالِي عَن الْمُقَابلَة فَيكون حَرَامًا بِمَنْزِلَة سَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي لَهَا طول وَعرض إِذا قوبل وَاحِد بآخر وَبَقِي فضل فِي أحد الْجَانِبَيْنِ يكون خَالِيا عَن الْمُقَابلَة
ثمَّ الْمُسَاوَاة من حَيْثُ الذَّات لَا تعرف إِلَّا بِالْجِنْسِ وَمن حَيْثُ الْقدر على الْوَجْه الَّذِي هُوَ مُعْتَبر شرعا وَعرفا
لَا يعرف إِلَّا بِالْكَيْلِ وَهَذِه الْمُسَاوَاة لَا يتَيَقَّن إِلَّا بعد سُقُوط قيمَة الْجَوْدَة فأسقطنا قيمَة الْجَوْدَة مِنْهَا عِنْد الْمُقَابلَة بجنسها بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (جيدها ورديئها سَوَاء) وبدليل شَرْعِي وَهُوَ حُرْمَة الِاعْتِيَاض عَنْهَا بِالنَّصِّ فَإِنَّهُ لَو بَاعَ قفيز حِنْطَة جَيِّدَة بقفيز حِنْطَة رَدِيئَة وَدِرْهَم على أَن يكون الدِّرْهَم بِمُقَابلَة الْجَوْدَة لَا يجوز وَمَا يكون مَالا مُتَقَوّما يجوز الِاعْتِيَاض عَنهُ شرعا إِلَّا أَن إِسْقَاط قيمَة الْجَوْدَة يكون شرطا لَا عِلّة لِأَنَّهُ لَا تَأْثِير لَهَا فِي إِحْدَاث الْمُسَاوَاة فِي الْمحل وَالْحكم الثَّابِت بِالنَّصِّ وجوب الْمُسَاوَاة فَكَانَ بِمَنْزِلَة الْإِحْصَان لإِيجَاب الرَّجْم والمساواة الَّتِي هِيَ الحكم لما كَانَ يثبت بِالْقدرِ وَالْجِنْس عرفنَا أَن هذَيْن الوصفين هما الْعلَّة وَقد وجد التَّنْصِيص عَلَيْهَا فِي حَدِيث الرِّبَا بِمَنْزِلَة الزِّنَا فَإِنَّهُ مَنْصُوص عَلَيْهِ فِي حَدِيث مَاعِز وَهُوَ مُؤثر فِي إِيجَاب الحكم فَعرفنَا أَنه عِلّة فِيهِ ثمَّ بعد مَا ثَبت الْمُسَاوَاة قطعا فِي صفة الْمَالِيَّة بِاعْتِبَار الْقدر إِذا كَانَ فِي أحد الْجَانِبَيْنِ فضل فَهُوَ خَال عَن الْعِوَض فَيكون رَبًّا حَرَامًا لَا يجوز أَن يكون مُسْتَحقّا بِالْبيعِ وَإِذا جعل مَشْرُوطًا فِي البيع يفْسد بِهِ البيع وَهَذَا فضل ظهر شرعا وَلَو ظهر شرطا بِأَن بَاعَ من آخر عبدا بِعَبْد على أَن يسلم إِلَيْهِ مَعَ ذَلِك ثوبا قد عينه من غير أَن يكون بِمُقَابلَة الثَّوْب عوض فَإِنَّهُ لَا يجوز ذَلِك البيع فَكَذَلِك إِذا ثَبت شرعا أَلا ترى أَنه لما ثَبت شرعا اسْتِحْقَاق صفة السَّلامَة عَن الْعَيْب بِمُطلق البيع فَإِذا فَاتَ ذَلِك يثبت حق الرَّد بِمَنْزِلَة مَا هُوَ ثَابت شرطا بِأَن يَشْتَرِي عبدا على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute