للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجَوَاب أَن نقُول هَذَا الْكَلَام عِنْد التَّأَمُّل فِيهِ من جنس الطعْن عَلَيْهِم الْآيَة وَلَو جَازَ ذَلِك فِي فتاويهم لجَاز فِيمَا نقلوا إِلَيْنَا من أَحْكَام الشَّرْع فَتبين أَن هَذَا من جنس الطعْن وَأَنه لَا بُد من طلب التَّأْوِيل فِيمَا كَانَ مِنْهُم فِي صُورَة الْخلاف ظَاهرا بِمَا هُوَ تَعْظِيم وموافقة فِي الْحَقِيقَة

وَوجه ذَلِك بطرِيق الْفِقْه أَن نقُول قد كَانَ من الْأُمُور مَا فِيهِ احْتِمَال معنى الرُّخْصَة وَالْإِكْرَام أَو معنى الْعَزِيمَة والإلزام ففهموا أَن مَا اقْترن بِهِ من دلَالَة الْحَال أَو غَيره مِمَّا يتَبَيَّن بِهِ أحد المحتملين ثمَّ رَأَوْا التَّمَسُّك بِمَا هُوَ الْعَزِيمَة أولى لَهُم من التَّرَخُّص بِالرُّخْصَةِ وَهَذَا أصل فِي أَحْكَام الشَّرْع

وَبَيَان هَذَا فِي حَدِيث الصّديق فَإِن إِشَارَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ بِأَن يثبت فِي مَكَانَهُ كَانَ مُحْتملا معنى الْإِكْرَام لَهُ وَمعنى الْإِلْزَام وَعلم بِدلَالَة الْحَال أَنه على سَبِيل التَّرَخُّص وَالْإِكْرَام لَهُ فَحَمدَ الله تَعَالَى على ذَلِك ثمَّ تَأَخّر تمسكا بالعزيمة الثَّابِتَة بقوله تَعَالَى {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله مَا كَانَ لِابْنِ أبي قُحَافَة أَن يتَقَدَّم بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَكَذَلِكَ كَانَ تقدمه للْإِمَامَة قبل أَن يحضر رَسُول الله فَإِن التَّأْخِير إِلَى أَن يحضر كَانَ رخصَة ومراعاة حق الله فِي أَدَاء الصَّلَاة فِي الْوَقْت الْمَعْهُود كَانَ عَزِيمَة فَإِنَّمَا قصد التَّمَسُّك بِمَا هُوَ الْعَزِيمَة لعلمه أَن رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يستحسن ذَلِك مِنْهُ فَعرفنَا أَنه مَا قصد إِلَّا تَعْظِيم أَمر الله وتعظيم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا بَاشرهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>