للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعرفنَا أَنه حق عندنَا وَإِن كُنَّا لَا نقطع القَوْل بِأَنَّهُ الْحق عِنْد الله تَعَالَى فقد يُصِيب الْمُجْتَهد ذَلِك بِاجْتِهَادِهِ وَقد يخطىء ثمَّ التَّكْلِيف بِحَسب الوسع وَلَيْسَ فِي وَضعنَا الْوُقُوف على مَا هُوَ حق عِنْد الله لَا محَالة وَإِنَّمَا الَّذِي فِي وسعنا طلبه بطرِيق الِاعْتِبَار الَّذِي أمرنَا بِهِ وَبعد إِصَابَة ذَلِك الطَّرِيق يلْزمنَا الْعَمَل بِهِ فَكَذَلِك فِي الْأَحْكَام وَمَا أشاروا إِلَيْهِ من الْفرق بَين مَا هُوَ مَحْض حق الله تَعَالَى وَبَين مَا فِيهِ حق الْعباد لَيْسَ بِقَوي لِأَن الْمَطْلُوب هُنَا جِهَة الْقبْلَة لأَدَاء مَا هُوَ مَحْض حق الله تَعَالَى وَالله تَعَالَى مَوْصُوف بِكَمَال الْقُدْرَة وَمَعَ ذَلِك أطلق لنا الْعَمَل بِالرَّأْيِ فِيهِ إِمَّا لتحقيق معنى الِابْتِلَاء أَو لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وسعنا مَا هُوَ أقوى من ذَلِك بعد انْقِطَاع الْأَدِلَّة الظَّاهِرَة وَهَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه مَوْجُود فِي الْأَحْكَام ثمَّ الِاحْتِمَال الَّذِي يبْقى بعد اسْتِعْمَال الرَّأْي بِمَنْزِلَة الِاحْتِمَال فِي خبر الْوَاحِد فَإِن قَول صَاحب الشَّرْع مُوجب علم الْيَقِين وَإِنَّمَا يثبت فِي حَقنا الْعلم وَالْعَمَل بِهِ إِذا بلغنَا ذَلِك وَفِي الْبلُوغ والاتصال برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْتِمَال فَكَذَلِك الحكم فِي الْمَنْصُوص ثَابت بِالنَّصِّ على وَجه يُوجب علم الْيَقِين وَفِيه معنى هُوَ مُؤثر فِي الحكم شرعا وَلَكِن فِي بُلُوغ الآراء وَإِدْرَاك ذَلِك الْمَعْنى نوع احْتِمَال فَلَا يمْنَع ذَلِك وجوب الْعَمَل بِهِ عِنْد انعدام دَلِيل هُوَ أقوى مِنْهُ وَلِهَذَا شرطنا للْعَمَل بِالرَّأْيِ أَن تكون الْحَادِثَة لَا نَص فِيهَا من كتاب وَلَا سنة فَتبين أَن فِيمَا قُلْنَا مُبَالغَة فِي الْمُحَافظَة على النُّصُوص بظواهرها ومعانيها فَإِنَّهُ مَا لم يقف على النُّصُوص لَا يعرف أَن الْحَادِثَة لَا نَص فِيهَا وَمَا لم يقف على مَعَاني النُّصُوص لَا يُمكنهُ أَن يرد الْحَادِثَة إِلَى مَا يكون مثلهَا من النُّصُوص ثمَّ مَعَ ذَلِك فِيهِ تَعْمِيم الْمَعْنى فِي الْفُرُوع وتعظيم مَا هُوَ حق الله تَعَالَى فَإِن اعْتِقَاد الحقية فِي الحكم الْمَنْصُوص ثَابت بِالنَّصِّ وَمعنى شرح الصَّدْر وطمأنينة الْقلب ثَابت بِالْوُقُوفِ على الْمَعْنى

وَلَا معنى لاستدلالهم باخْتلَاف أَحْكَام النُّصُوص لأَنا إِنَّمَا نجوز اسْتِعْمَال الرَّأْي عِنْد معرفَة مَعَاني النُّصُوص وَإِنَّمَا يكون هَذَا فِيمَا يكون مَعْقُول الْمَعْنى فَأَما فِيمَا لَا يعقل الْمَعْنى فِيهِ فَنحْن لَا نجوز إِعْمَال الرَّأْي لتعدية الحكم إِلَى مَا لَا نَص فِيهِ وسيأتيك بَيَان هَذَا فِي شَرط الْقيَاس ويتبين بِهَذَا أَن مُرَاد رَسُول الله صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>