للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ اجْتهد رَأْيِي

وَمَا يكون عَاملا بعد النَّص كَانَ شَرط عمله انعدام النَّص فِي الْمحل الَّذِي يعْمل فِيهِ فَعرفنَا أَنه لَا عمل لَهُ فِي مَحل مَنْصُوص وَإِذا لم يجز أَن يكون عَاملا على وَجه الْمُعَارضَة بِحكم النَّص بِخِلَافِهِ عرفنَا أَنه لَا عمل لَهُ فِي مَوضِع النَّص فَلَا يُمكن أَن يَجْعَل حكمه تعلق حكم الشَّرْع بِهِ فِي الْمَنْصُوص يُوضحهُ أَن بِالْإِجْمَاع هَذِه الْعلَّة لَا يجوز أَن يتَغَيَّر بهَا حكم النَّص وَمَعْلُوم أَن التَّغْيِير دون الْإِبْطَال فَإِذا كَانَ الحكم فِي الْمَنْصُوص مُضَافا إِلَى النَّص قبل التَّعْلِيل فَلَو قُلْنَا بِالتَّعْلِيلِ يصير مُضَافا إِلَى الْعلَّة كَانَ إبطالا وَلَا شكّ أَنه يكون تغييرا على معنى أَن فِيهِ إِخْرَاج سَائِر أَوْصَاف النَّص من أَن يكون الحكم مُضَافا إِلَيْهَا وكما لَا يجوز إِخْرَاج بعض الْمحَال الَّذِي تنَاوله النَّص من حكم النَّص بِالتَّعْلِيلِ لَا يجوز إِخْرَاج بعض الْأَوْصَاف عَن ذَلِك بِالتَّعْلِيلِ يُوضحهُ أَن الْعلَّة مَا يتَغَيَّر بهَا حكم الْحَال وَمَعْلُوم أَن حكم النَّص لَا يتَغَيَّر بِالْعِلَّةِ فِي نَفسه فَعرفنَا أَنه يتَغَيَّر بهَا الْحَال فِي مَحل آخر وَهُوَ الْمحل الَّذِي تعدى إِلَيْهِ الحكم فَيثبت فِيهِ بهَا بعد أَن لم يكن ثَابتا وَهَذَا لَا يتَحَقَّق فِي عِلّة لَا توجب تَعديَة الحكم فَهَذَا تبين أَن حكم الْعلَّة على الْخُصُوص تَعديَة الحكم لَا إِيجَاب الحكم بهَا ابْتِدَاء بِمَنْزِلَة الْحِوَالَة فَإِنَّهَا لما كَانَت مُشْتَقَّة من التَّحْوِيل كَانَ حكمهَا الْخَاص تحول الدّين الْوَاجِب بهَا من ذمَّة إِلَى ذمَّة من غير أَن تكون مُؤثرَة فِي إِيجَاب الدّين بهَا ابْتِدَاء

وَمن فهم هَذَا سقط عَنهُ مُؤنَة الْحِفْظ فِي ثَلَاثَة أَربَاع مَا يسْتَعْمل النَّاس الْقيَاس فِيهِ لِأَن جَمِيع مَا يتَكَلَّم النَّاس فِيهِ على سَبِيل المقايسة أَرْبَعَة أَقسَام الْمُوجب للْحكم وَصفته وَمَا هُوَ شَرط فِي الْعلَّة وَصفته وَالْحكم الثَّابِت فِي الشَّرْع وَصفته وَالْحكم الْمُتَّفق على كَونه مَشْرُوعا مَعْلُوما بِصفتِهِ أهوَ مَقْصُور على الْمحل الَّذِي ورد فِيهِ النَّص أم تعدى إِلَى غَيره من الْمحَال الَّذِي يماثله بِالتَّعْلِيلِ

وَإِنَّمَا يجوز اسْتِعْمَال الْقيَاس فِي الْقسم الرَّابِع فَأَما الْأَقْسَام الثَّلَاثَة فَلَا مدْخل للْقِيَاس فِيهَا فِي الْإِثْبَات وَلَا فِي النَّفْي لِأَن الْمُوجب مَا جعله الشَّرْع مُوجبا على مَا بَينا أَن الْعِلَل الشَّرْعِيَّة لَا تكون مُوجبَة بذواتها بل بِجعْل الشَّرْع إِيَّاهَا مُوجبَة فَلَا مجَال للرأي فِي معرفَة ذَلِك وَإِنَّمَا طَرِيق مَعْرفَته السماع مِمَّن

<<  <  ج: ص:  >  >>