للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي

وَصفَة الشَّيْء مُعْتَبر بِأَصْلِهِ وكما لَا يكون مُوجبا بِدُونِ رُكْنه لَا يكون مُوجبا بِدُونِ شَرطه وَلَا مدْخل للرأي فِي معرفَة شَرطه وَلَا صفة شَرطه كَمَا لَا مدْخل للرأي فِي أَصله وَكَذَلِكَ نصب الحكم ابْتِدَاء إِلَى الشَّرْع وكما لَيْسَ إِلَى الْعباد ولَايَة نصب الْأَسْبَاب فَلَيْسَ إِلَيْهِم ولَايَة نصب الْأَحْكَام لِأَنَّهَا مَشْرُوعَة بطرِيق الِابْتِلَاء فَأنى يهتدى بِالرَّأْيِ إِلَيْهِ كَيفَ يتَحَقَّق معنى الِابْتِلَاء فِيمَا يستنبط بِالرَّأْيِ ابْتِدَاء فَعرفنَا أَن التَّعْلِيل فِي هَذِه الْأَقْسَام لَا يُصَادف محلهَا والأسباب الشَّرْعِيَّة لَا تصح بِدُونِ الْمحل كَالْبيع الْمُضَاف إِلَى الْحر وَالنِّكَاح الْمُضَاف إِلَى مُحرمَة وَلِأَن حكم التَّعْلِيل التَّعْدِيَة فَفِي هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة لَا تتَحَقَّق التَّعْدِيَة فَكَانَ اسْتِعْمَال الْقيَاس فِي هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة بِمَنْزِلَة الْحِوَالَة قبل وجوب الدّين وَذَلِكَ بَاطِل لخلوه عَن حكمه وَهُوَ التَّحْوِيل

وكما لَا يجوز اسْتِعْمَال الْقيَاس لإِثْبَات الحكم فِي هَذِه الْمَوَاضِع لَا يجوز للنَّفْي لِأَن الْمُنكر لذَلِك يَدعِي أَنه غير مَشْرُوع وَمَا لَيْسَ بمشروع كَيفَ يُمكن إثْبَاته بِدَلِيل شَرْعِي وَإِن كَانَ يَدعِي رَفعه بعد الثُّبُوت وَهُوَ نسخ وَإِثْبَات النّسخ بِالتَّعْلِيلِ بِالرَّأْيِ لَا يجوز فَعرفنَا أَن مَا يصنعه بعض النَّاس من اسْتِعْمَال الْقيَاس فِي مثل هَذِه الْمَوَاضِع لَيْسَ بِفقه وَأَنه يكون من قلَّة التَّأَمُّل يتَبَيَّن ذَلِك عِنْد النّظر

وَأما بَيَان الْمُوجب فِي مسَائِل

مِنْهَا (أَن) الْجِنْس بِانْفِرَادِهِ هَل يحرم النسأ فَإِن الْكَلَام فِيهِ بطرِيق الْقيَاس للإثبات أَو للنَّفْي بَاطِل وَإِنَّمَا طَرِيق إثْبَاته الرُّجُوع إِلَى النَّص أَو دلَالَته أَو إِشَارَته أَو مُقْتَضَاهُ لِأَن الثَّابِت بِهَذِهِ الْوُجُوه كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ والموجب للْحكم لَا يعرف إِلَّا بِالنَّصِّ كَالْحكمِ الْوَاجِب فَإِنَّهُ إِذا وَقع الِاخْتِلَاف فِي الْوتر هَل هِيَ بِمَنْزِلَة الْفَرِيضَة زِيَادَة على الْخمس كَانَ الِاشْتِغَال بإثباته بطرِيق الْقيَاس خطأ وَإِنَّمَا أثبت ذَلِك أَبُو حنيفَة رَحمَه الله بِالنَّصِّ الْمَرْوِيّ فِيهِ وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام إِن الله تَعَالَى زادكم صَلَاة أَلا وَهِي الْوتر فصلوها مَا بَين الْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر فَكَذَلِك طَرِيق

<<  <  ج: ص:  >  >>