للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُضَاف الحكم إِلَيْهِ وجوبا بِهِ وَلَا وجودا عِنْده بل تتخلل بَين السَّبَب وَالْحكم الْعلَّة الَّتِي يُضَاف الحكم إِلَيْهَا وَتلك الْعلَّة غير مُضَافَة إِلَى السَّبَب وَذَلِكَ نَحْو حل قيد العَبْد فَإِنَّهُ طَرِيق لوصول العَبْد إِلَى الْإِبَاق الَّذِي هُوَ متو مَالِيَّة الْمولى فِيهِ وَلَكِن يَتَخَلَّل بَينه وَبَين الْإِبَاق الَّذِي تتوى بِهِ الْمَالِيَّة قصد وَذَهَاب من العَبْد وَهُوَ غير مُضَاف إِلَى السَّبَب السَّابِق فَيبقى حل الْقَيْد سَببا مَحْضا

وعَلى هَذَا قُلْنَا لَو فتح بَاب الاصطبل فندت الدَّابَّة أَو بَاب القفص فطار الطير لم يجب الضَّمَان عَلَيْهِ لِأَن الْعلَّة قُوَّة الدَّابَّة فِي نَفسهَا على الذّهاب وَقُوَّة الطير على الطيران وَهُوَ غير مُضَاف إِلَى السَّبَب الأول

وَكَذَلِكَ لَو دلّ إنْسَانا على مَال الْغَيْر فأتلفه أَو على نَفسه فَقتله أَو على قافلة حَتَّى قطع الطَّرِيق عَلَيْهِم لم يكن ضَامِنا شَيْئا لِأَن الدّلَالَة سَبَب مَحْض من حَيْثُ إِنَّه طَرِيق الْوُصُول إِلَى الْمَقْصُود ويتخلل بَينه وَبَين حُصُول الْمَقْصُود مَا هُوَ عِلّة وَهُوَ غير مُضَاف إِلَى السَّبَب الأول وَذَلِكَ الْفِعْل الَّذِي يباشره الْمَدْلُول

وعَلى هَذَا قُلْنَا لَو قَالَ لرجل هَذِه الْمَرْأَة حرَّة فَتَزَوجهَا فَذهب وَتَزَوجهَا واستولدها ثمَّ ظهر أَنَّهَا كَانَت أمة فَإِنَّهُ لَا يرجع بِضَمَان قيمَة الْأَوْلَاد على الْمخبر بِخِلَاف مَا إِذا زَوجهَا مِنْهُ على أَنَّهَا حرَّة لِأَن إخْبَاره سَبَب للوصول إِلَى الْمَقْصُود وَلَكِن تخَلّل بَينه وَبَين الْمَقْصُود وَهُوَ الِاسْتِيلَاد مَا هُوَ عِلّة فَهُوَ غير مُضَاف إِلَى السَّبَب الأول وَذَلِكَ عقد النِّكَاح الَّذِي باشرته الْمَرْأَة على نَفسهَا

وعَلى هَذَا قُلْنَا الْمَوْهُوب لَهُ الْجَارِيَة إِذا اسْتَوْلدهَا ثمَّ اسْتحقَّت لم يرجع بِقِيمَة الْأَوْلَاد على الْوَاهِب وَالْمُسْتَعِير إِذا أتلف الْعين بِاسْتِعْمَالِهِ ثمَّ ظهر الِاسْتِحْقَاق لم يرجع بِالْقيمَةِ على الْمُعير لِأَن الْهِبَة والإعارة سَبَب وَلَكِن تخَلّل بَينه وَبَين حُصُول الْأَوْلَاد مَا هُوَ عِلّة وَهُوَ الِاسْتِيلَاد والاستعمال المفضي إِلَى التّلف وَذَلِكَ غير مُضَاف إِلَى السَّبَب الأول بِخِلَاف المُشْتَرِي إِذا اسْتَوْلدهَا ثمَّ ظهر الِاسْتِحْقَاق فَإِنَّهُ يرجع بِقِيمَة الْأَوْلَاد لِأَن بِمُبَاشَرَة عقد الضَّمَان قد الْتزم لَهُ صفة السَّلامَة عَن الْعَيْب وَلَا عيب فَوق الِاسْتِحْقَاق وبمباشرة عقد التَّبَرُّع لَا يصير مُلْتَزما سَلامَة الْمَعْقُود عَلَيْهِ عَن الْعَيْب وَلِهَذَا لَا يرجع بِالْعقدِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لزمَه بَدَلا عَمَّا اسْتَوْفَاهُ وَلَا رُجُوع

<<  <  ج: ص:  >  >>