للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ بِسَبَب الْعَيْب فِيمَا اسْتَوْفَاهُ لنَفسِهِ وَإِن كَانَ البَائِع ضمن لَهُ صفة السَّلامَة عَن الْعَيْب

وَزعم بعض أَصْحَابنَا أَن رُجُوع الْمَغْرُور بِاعْتِبَار الْكفَالَة وَذَلِكَ بِاشْتِرَاط الْبَدَل فَإِن البَائِع يصير كَأَنَّهُ قَالَ ضمنت لَك سَلامَة الْأَوْلَاد على أَنه إِن لم يسلم لَك فَأَنا ضَامِن لَك مَا يلزمك بِسَبَبِهِ

وَهَذَا الضَّمَان لَا يثبت فِي عقد التَّبَرُّع وَإِنَّمَا يثبت فِي حق الضَّمَان بِاشْتِرَاط الْبَدَل إِلَّا أَن الأول أصح

وَقد قَالَ فِي كتاب الْعَارِية العَبْد الْمَأْذُون إِذا آجر دَابَّة فَتلفت بِاسْتِعْمَال الْمُسْتَأْجر ثمَّ ظهر الِاسْتِحْقَاق رَجَعَ الْمُسْتَأْجر بِمَا ضمن من قيمتهَا على العَبْد فِي الْحَال وَالْعَبْد لَا يُؤَاخذ بِضَمَان الْكفَالَة مَا لم يعْتق وَهُوَ مؤاخذ بِالضَّمَانِ الَّذِي يكون سَببه الْعَيْب بَعْدَمَا الْتزم صفة السَّلامَة عَن الْعَيْب بِعقد الضَّمَان

وَلَا يدْخل على مَا قُلْنَا دلَالَة الْمحرم على قتل الصَّيْد فَإِنَّهَا توجب عَلَيْهِ ضَمَان الْجَزَاء وَهِي سَبَب مَحْض لَا يَتَخَلَّل بَينهَا وَبَين الْمَقْصُود مَا هُوَ الْعلَّة وَهُوَ الْقَتْل من الْمَدْلُول وَهَذَا لِأَن وجوب الضَّمَان عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ بِإِزَالَة الْأَمْن عَن الصَّيْد فَإِن أَمنه فِي الْبعد عَن أَيدي النَّاس وأعينهم وَقد الْتزم بِعقد الْإِحْرَام الْأَمْن للصَّيْد عَنهُ فَإِذا صَار بِالدّلَالَةِ جانيا من حَيْثُ إِزَالَته الْأَمْن كَانَ ضَامِنا لذَلِك إِلَّا أَن قبل الْقَتْل لَا يجب عَلَيْهِ الضَّمَان لبَقَاء التَّرَدُّد فقد يتَوَارَى الصَّيْد على وَجه لَا يقدر الْمَدْلُول عَلَيْهِ فَيَعُود آمنا كَمَا كَانَ فبالقتل تَسْتَقِر جِنَايَته بِإِزَالَة الْأَمْن

فَهُوَ نَظِير الْجراحَة الَّتِي يتَوَهَّم فِيهَا الِانْدِمَال بالبرء على وَجه لَا يبْقى لَهَا أثر فَإِنَّهُ يستأني فِيهَا مَعَ كَون الْجرْح جِنَايَة وَلَكِن لبَقَاء التَّرَدُّد يستأني حَتَّى يَتَقَرَّر حكمهَا فِي حق الضَّمَان بِخِلَاف الدّلَالَة على مَال الْغَيْر فَإِن حفظ الْأَمْوَال بِالْأَيْدِي لَا بالبعد عَن الْأَيْدِي والأعين فالدال لَا يصير جانيا بِإِزَالَة الْحِفْظ بدلالته وَهَذَا بِخِلَاف الْمُودع إِذا دلّ سَارِقا على سَرقَة الْوَدِيعَة فَإِنَّهُ يصير ضَامِنا لِأَنَّهُ جَان بترك مَا الْتَزمهُ من الْحِفْظ بعقده وَهُوَ ترك التضييع وبالدلالة يصير مضيعا فَهُوَ نَظِير الْمحرم يدل على قتل الصَّيْد حَتَّى يصير ضَامِنا لتَركه مَا الْتَزمهُ بِالْعقدِ وَهُوَ أَمن الصَّيْد عَنهُ

وعَلى هَذَا قُلْنَا من أخرج ظَبْيَة من الْحرم فَولدت فَهُوَ ضَامِن للْوَلَد لِأَنَّهَا بِالْحرم آمِنَة وَثُبُوت يَده عَلَيْهَا يفوت معنى الصيدية فَيثبت بِهِ معنى إِزَالَة الْأَمْن فِي حق الْوَلَد

<<  <  ج: ص:  >  >>