للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَاف الْغَاصِب فَإِنَّهُ لَا يكون ضَامِنا للزوائد لِأَن الْأَمْوَال مَحْفُوظَة بِالْأَيْدِي فَإِنَّمَا يجب الضَّمَان هُنَا بِالْغَصْبِ الَّذِي هُوَ مُوجب قصر يَد الْمَالِك عَن مَاله وَذَلِكَ غير مَوْجُود فِي الزِّيَادَة مُبَاشرَة وَلَا تسبيبا وَلَا يُنكر كَونه مُتَعَدِّيا فِي إمْسَاك الْوَلَد وَلِهَذَا نجعله آثِما ونوجب عَلَيْهِ رده

وَلَكنَّا نقُول هُوَ لَيْسَ بغاصب للْوَلَد تسبيبا وَلَا مُبَاشرَة وبتعد آخر سوى الْغَصْب لَا يُوجب ضَمَان الْغَصْب وَالْيَد الثَّابِتَة على الْأُم عِنْد انْفِصَال الْوَلَد عَنْهَا حكم الْغَصْب لَا نفس الْغَصْب فَعرفنَا أَنه لم يثبت الْغَصْب فِي الْوَلَد بطرِيق السَّرَايَة وَلَا قصدا بطرِيق الْمُبَاشرَة وَلَا بطرِيق التَّسَبُّب بِغَصب الْأُم لِأَن قصر يَد الْمَالِك تكون بِإِزَالَة يَده عَمَّا كَانَ فِي يَده أَو بِإِزَالَة تمكنه من أَخذ مَا لم يكن فِي يَده وَذَلِكَ غير مَوْجُود فِي الْوَلَد أصلا قبل أَن يُطَالِبهُ بِالرَّدِّ

وَمن السَّبَب الْمَحْض أَن يدْفع سكينا إِلَى صبي فيجأ الصَّبِي بِهِ نَفسه فَإِنَّهُ لَا يجب على الدَّافِع ضَمَان وَإِن كَانَ فعله بعلة طَرِيق الْوُصُول وَلَكِن قد تخَلّل بَينه وَبَين الْمَقْصُود مَا هُوَ عِلّة وَهُوَ غير مُضَاف إِلَى السَّبَب الأول وَذَلِكَ قتل الصَّبِي بِهِ نَفسه بِخِلَاف مَا إِذا سقط من يَده على رجله فعقره لِأَن السُّقُوط من يَده مُضَاف إِلَى السَّبَب الأول وَهُوَ مناولته إِيَّاه فَكَانَ هَذَا سَببا فِي معنى الْعلَّة على مَا نبينه إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَكَذَلِكَ لَو أَخذ صَبيا حرا من يَد وليه فَمَاتَ فِي يَده بِمَرَض لم يضمن الْآخِذ شَيْئا بِخِلَاف مَا إِذا قربه إِلَى مسبعَة حَتَّى افترسه سبع فَإِن السَّبَب هُنَا بِمَعْنى الْعلَّة بِاعْتِبَار الْإِضَافَة إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَال لَوْلَا تقريبه إِيَّاه من هَذِه المسبعة مَا افترسه السَّبع وَلَا يُقَال لَوْلَا أَخذه من يَد وليه لم يمت من مَرضه

وَلَو قتل الصَّبِي فِي يَد الْآخِذ رجلا فضمن عَاقِلَته الدِّيَة لم يرجِعوا بِهِ على عَاقِلَة الْآخِذ لِأَنَّهُ تخَلّل بَين السَّبَب وَوُجُوب الضَّمَان عَلَيْهِم مَا هُوَ عِلّة وَهُوَ غير مُضَاف إِلَى ذَلِك التسبيب

وعَلى هَذَا لَو قَالَ لصبي ارق هَذِه الشَّجَرَة فانفضها لي فَسقط كَانَ ضَامِنا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ كل ثَمَرَتهَا أَو فانفضها لنَفسك لِأَن كَلَامه تسبيب قد تخَلّل بَينه وَبَين السُّقُوط مَا هُوَ عِلّة وَهُوَ صعُود الصَّبِي الشَّجَرَة لمَنْفَعَة نَفسه وَفِي الأول لما كَانَ صُعُوده لمَنْفَعَة الْآمِر صَار بِسَبَبِهِ فِي معنى الْعلَّة بطرِيق

<<  <  ج: ص:  >  >>