للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ بعلة حكما وَلِهَذَا لم يثبت زَوَال ملك الْحل بِهِ وَلَا حُرْمَة الْوَطْء أصلا

وَأما الْعلَّة الَّتِي تشبه السَّبَب فصورتها أَن يكون مَا يُضَاف إِلَيْهِ الحكم أَصله مَوْجُودا وَصفته منتظرا مُتَأَخِّرًا فِي وجوده خطر

فَمن حَيْثُ وجود الأَصْل كَانَ عِلّة لِأَن الصّفة تَابِعَة للْأَصْل وبانعدام الْوَصْف لَا يَنْعَدِم الأَصْل وَمن حَيْثُ إِن كَونه مُوجبا للْحكم بِاعْتِبَار الصّفة وَهُوَ منتظر مُتَأَخّر فَالْأَصْل قبل وجود الْوَصْف كَانَ طَرِيقا للوصول إِلَيْهِ فَكَانَ سَببا

وَبَيَان ذَلِك فِي النّصاب لِلزَّكَاةِ فَإِنَّهُ سَبَب لوُجُوب الزَّكَاة بِصفة النَّمَاء وَحُصُول هَذَا النَّمَاء منتظر لَا يكون إِلَّا بعد مُدَّة قدر الشَّرْع تِلْكَ الْمدَّة بالحول وَبِمَا ذكره لم ينْتَصب الْحول شرطا فَإِنَّهُ قَالَ (لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول) وَحَتَّى كلمة غَايَة لَا كلمة شَرط وبانعدام صفة النَّمَاء للْحَال لَا يَنْعَدِم أصل المَال الَّذِي يُضَاف إِلَيْهِ هَذَا الحكم شرعا فجعلناه عِلّة تشبه السَّبَب حَتَّى يجوز التَّعْجِيل بعد كَمَال النّصاب وَلَا يكون الْمُؤَدى زَكَاة لِلْمَالِ لِانْعِدَامِ صفة الْعلَّة بِخِلَاف الْمُسَافِر إِذا صَامَ فِي شهر رَمَضَان والمقيم إِذا صلى فِي أول الْوَقْت فالمؤدى يكون فرضا لوُجُود الْعلَّة مُطلقَة بصفتها ثمَّ إِذا تمّ الْحول حَتَّى وَجب الزَّكَاة جَازَ الْمُؤَدى عَن الزَّكَاة بِاعْتِبَار أَن الْأَدَاء وجد بعد وجود الْعلَّة وَلَو كَانَ مَحْض سَبَب لم يكن الْمُؤَدى قبل وجود الْعلَّة محسوبا من الزَّكَاة كالمؤدى قبل كَمَال النّصاب

فَبِهَذَا يتَبَيَّن أَن حولان الْحول لَيْسَ بتأجيل فِيهِ لِأَن التَّأْجِيل مهلة لمن عَلَيْهِ الْحق بعد كَمَال الْعلَّة فَإِذا أسقط المهلة بالتعجيل كَانَ فِي الْحَال مُؤديا للْوَاجِب وَهنا لَا يكون فِي الْحَال مُؤديا للْوَاجِب وَإِذا تمّ الْحول ونصابه غير كَامِل كَانَ الْمُؤَدى تَطَوّعا فَعرفنَا أَن النّصاب قبل وجود صفة النَّمَاء يمْضِي الْمدَّة يكون عِلّة فِي معنى السَّبَب حَتَّى يثبت حكم الْأَدَاء بِحَسب هَذِه الْعلَّة وَلَا يثبت الْوُجُوب أصلا بل يكون الْمُؤَدى مَوْقُوف الصِّحَّة على أَن يكون عَن الْوَاجِب إِذا تمّ مَا هُوَ صفة الْعلَّة باستناد حكم الْوُجُوب إِلَيْهِ وعَلى أَن يكون تَطَوّعا إِذا لم يتم ذَلِك الْوَصْف

وَلَا يدْخل على هَذَا إِذا كَانَت الْإِبِل علوفة فَعجل عَنْهَا الزَّكَاة ثمَّ جعلهَا سَائِمَة لِأَن هُنَاكَ أصل الْعلَّة لم يُوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>