للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ المَال النامي فَإِن الْغناء مُطلقًا لَا يحصل شرعا إِلَّا بِالْمَالِ النامي وَبِمَا لَا يحصل الْغناء من المَال لَا تكون الْعلَّة مَوْجُودَة بِمَنْزِلَة مَا دون النّصاب

وعَلى هَذَا مرض الْمَوْت فَإِنَّهُ عِلّة للحجر عَن التَّبَرُّعَات فِيمَا هُوَ حق الْوَارِث بعد الْمَوْت بِصفة إِيصَال الْمَوْت بِهِ وَهَذَا منتظر فَكَانَ الْمَوْجُود فِي الْحَال عِلّة تشبه السَّبَب فَإِذا تمّ باتصال الْمَوْت بِهِ اسْتندَ حكمه إِلَى أول الْمَرَض حَتَّى يبطل تبرعه بِمَا زَاد على الثُّلُث وَإِذا برأَ من مَرضه كَانَ تبرعه نَافِذا لِأَن الْعلَّة لم تتمّ بصفتها

وَكَذَلِكَ الْجرْح عِلّة لوُجُوب الْكَفَّارَة فِي الصَّيْد والآدمي بِصفة السَّرَايَة وَهِي صفة منتظرة فَكَانَ الْمَوْجُود قبل السَّرَايَة عِلّة تشبه السَّبَب حَتَّى يجوز أَدَاء الْكَفَّارَة بِالْمَالِ وَالصَّوْم جَمِيعًا وَإِذا اتَّصل بِهِ الْمَوْت كَانَ الْمُؤَدى جَائِزا عَن الْوَاجِب وَهَذَا كُله لِأَن الْوَصْف لَا يقوم بِنَفسِهِ وَإِنَّمَا يقوم بالموصوف فَلَا يُمكن جعل الْمَوْصُوف أحد وصفي الْعلَّة ليَكُون سَببا لَا عِلّة كَمَا بَينا فِي فصل السَّبَب وَلَا يُمكن جعل الْوَصْف عِلّة معنى وَحكما بِمَنْزِلَة آخر الوصفين وجودا من عِلّة هِيَ ذَات وصفين فَلهَذَا جعلناها عِلّة تشبه السَّبَب

وَمن هَذَا النَّوْع عِلّة الْعلَّة وَذَلِكَ أَن تكون الْعلَّة مُوجبَة للْحكم بِوَاسِطَة تِلْكَ الْعلَّة من مُوجبَات الْعلَّة الأولى فَتكون بِمَنْزِلَة عِلّة توجب الحكم بِوَصْف وَذَلِكَ الْوَصْف قَائِم بِالْعِلَّةِ فَكَمَا أَن الحكم هُنَاكَ يكون مُضَافا إِلَى الْعلَّة دون الصّفة فَهُنَا يكون أَيْضا مُضَافا إِلَى الْعلَّة دون الْوَاسِطَة وَذَلِكَ نَحْو الرَّمْي فَإِنَّهُ يُوجب تحرّك السهْم ومضيه فِي الْهَوَاء ونفوذه فِي الْمَقْصُود حَتَّى يبتنى عَلَيْهِ عِلّة الْقَتْل وَلَكِن هَذِه الواسطات من مُوجبَات الرَّمْي فَكَانَ الرَّمْي عِلّة تَامَّة لمباشرة الْقَتْل حَتَّى يجب الْقصاص على الرَّامِي وَلِهَذَا قُلْنَا فِي شِرَاء الْقَرِيب إِنَّه إِعْتَاق تتأدى بِهِ الْكَفَّارَة إِذا نَوَاه لِأَن الشِّرَاء مُوجب للْملك وَالْملك فِي الْقَرِيب مُوجب لِلْعِتْقِ فَيصير الحكم مُضَافا إِلَى السَّبَب الأول لكَون الْوَاسِطَة من موجباته بِخِلَاف مَا إِذا اشْترى الْمَحْلُوف بِعِتْقِهِ بنية الْكَفَّارَة لِأَن الْوَاسِطَة وَهِي الشَّرْط يُضَاف إِلَيْهِ الْعتْق وجودا عِنْده لَا وجوبا بِهِ وَالْعِتْق عِنْد

<<  <  ج: ص:  >  >>