للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوده مُضَاف إِلَى مَا وجد من التَّعْلِيق بِمَا هُوَ بَاقٍ بعد وجود الشَّرْط وَهُوَ قَوْله أَنْت حر وَلم تقترن بِهِ نِيَّة الْكَفَّارَة

وعَلى هَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي المزكين لشهود الزِّنَا إِذا رجعُوا ضمنُوا لِأَن التَّزْكِيَة فِي معنى عِلّة الْعلَّة فَإِن الْمُوجب للْحكم بِالرَّجمِ شَهَادَة الشُّهُود وَالشَّهَادَة لَا تكون مُوجبَة بِدُونِ التَّزْكِيَة فَمن هَذَا الْوَجْه يصير الحكم مُضَافا إِلَى التَّزْكِيَة وَمن حَيْثُ إِن التَّزْكِيَة صفة للشَّهَادَة بَقِي الحكم مُضَافا إِلَى الشَّهَادَة أَيْضا فَأَي الْفَرِيقَيْنِ رَجَعَ كَانَ ضَامِنا

وَمِمَّا هُوَ نَظِير الْعلَّة الَّتِي تشبه السَّبَب مَا قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ فِي رجل قَالَ آخر عبد أشتريه فَهُوَ حر فَاشْترى عبدا ثمَّ عبدا ثمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يعْتق الثَّانِي من حِين اشْتَرَاهُ

وَكَذَلِكَ لَو قَالَ آخر امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق لِأَن الثَّانِي مَوْصُوف بِصفة الآخرية بِاعْتِبَار معنى منتظر وَهُوَ أَن لَا يَشْتَرِي بعده غَيره حَتَّى يَمُوت وَلَا يتَزَوَّج بعْدهَا غَيرهَا فَلم يكن الحكم ثَابتا فِي الْحَال لِمَعْنى الِانْتِظَار فِي هَذَا الْوَصْف فَإِذا زَالَ الِانْتِظَار وتقرر الْوَصْف كَانَ الحكم ثَابتا من حِين وجدت الْعلَّة لَا من حِين زَوَال الِانْتِظَار كَمَا هُوَ حكم الْعلَّة الَّتِي تشبه السَّبَب

وَقد جعل بعض مَشَايِخنَا الْإِيجَاب الْمُضَاف إِلَى وَقت من هَذَا الْقسم

قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه من الْقسم الثَّالِث فَإِنَّهُ عِلّة اسْما وَمعنى لَا حكما وَلِهَذَا لَو نذر أَن يتَصَدَّق بدرهم غَدا فَتصدق بِهِ الْيَوْم جَازَ عَن الْمَنْذُور للْحَال وَلَو كَانَ هَذَا من نَظِير الْقسم الرَّابِع لتأخر حكم جَوَازه عَن الْمَنْذُور إِلَى مَجِيء ذَلِك الْوَقْت كَمَا بَينا فِي تَعْجِيل الزَّكَاة

وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله فِي النّذر بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة إِذا أَضَافَهُ إِلَى وَقت فِي الْمُسْتَقْبل يجوز تَعْجِيله قبل ذَلِك الْوَقْت لوُجُود الْعلَّة اسْما وَمعنى وَإِن تَأَخّر حكم وجوب الْأَدَاء إِلَى مَجِيء ذَلِك الْوَقْت بِمَنْزِلَة الصَّوْم فِي حق الْمُسَافِر

وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله لَا يجوز اعْتِبَارا لما يُوجِبهُ على نَفسه فِي وَقت بِعَيْنِه بِمَا أوجب الله عَلَيْهِ فِي وَقت بِعَيْنِه حَتَّى لَا يَنْفَكّ ذَلِك الْوَقْت عَن وجوب الْأَدَاء أَو وجود الْأَدَاء فِيهِ وَإِذا جَازَ التَّعْجِيل خلا الْوَقْت الْمُضَاف عَن ذَلِك أصلا

فَأَما الْعلَّة الَّتِي هِيَ معنى حكما لَا اسْما فَهُوَ آخر الوصفين من عِلّة تشْتَمل

<<  <  ج: ص:  >  >>