فَإِنَّهُ لَا ريب أَن أسلوب الْقُرْآن وَبَيَان الْقُرْآن وأسلوب الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يهديان إِلَيْهِ هما أجدى وَأقرب إِلَى الْحجَّة الْإِقْنَاع فِي ذَلِك الْعَصْر وَفِي كل عصر حَتَّى تقوم السَّاعَة وَالْحَمْد لله
ذكرت أَن بعض التَّابِعين كتبُوا كتابات وجيزة فِي علم التَّوْحِيد إِذْ لم يرَوا أَن يبينوا سوى الْحق بإيجاز وعَلى قدر الْحَاجة فَمن يَقُول إِن السّلف الصَّالح لم يخوضوا فِي علم التَّوْحِيد وَلم يكتبوا فِيهِ وَإِن ذَلِك بِدعَة ضَلَالَة هم مخطئون لِأَن الْإِسْلَام دين الخلود وَمن مُقْتَضى خلوده - وَهُوَ وَحده الْحق - أَن يُقرر كل حَقِيقَة وَأَن يدْفع كل فكرة ضَالَّة أَو عقيدة فَاسِدَة تنشأ فِي الْمُسلمين أَو نحلة ضَالَّة تجابه عقيدة الْإِسْلَام وعقائده وَأَهله وَيسْعَى أَن يضفي بنوره على قُلُوب النَّاس عَامَّة بِإِذن الله تَعَالَى
نعم إِن بعض السّلف كره الْخَوْض فِي محاورة أهل الْأَهْوَاء والضلالات لما فِي ذلكمن نقل أَقْوَالهم ثمَّ تفنيدها وَذَلِكَ مِمَّا يشغل الْقلب وَقد يَظْلمه ويشغل عَن الأهم من الْعُلُوم عِنْدهم - كَمَا نقل من إِنْكَار الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل على الإِمَام الْحَارِث المحاسبي رحمهمَا الله تَعَالَى خوضه فِي مسَائِل الإعتقاد وَالرَّدّ على أهل الضلال - وَأما إِذا حقت الْمَسْأَلَة وتحققت الْحَاجة فهم يَقُولُونَ فِيهَا بعقولهم الْعَظِيمَة من خلال أصُول الدّين لِأَن حفظ العقائد أهم الْعُلُوم وأولاها وَلَقَد سمى الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى علم التَّوْحِيد الْفِقْه الْأَكْبَر وَلَقَد قيل إِن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى كتب رِسَالَة فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَالله أعلم بِصِحَّة ذَلِك